سيناريو إعدام قتلة ”الاغبري“ وأكذوبة العدالة الحوثية الزائفة سيناريو إعدام قتلة ”الاغبري“ وأكذوبة العدالة الحوثية الزائفة
مع إعدام الأربعة المتهمين بقتل وتعذيب الشاب، عبد الله الاغبري، بعد محاكمة استمرت لعام، استغلت مليشيا الحوثي القضية لتجميل أصلهم المشوة وتقديمها كنموذج لحرصها على تحقيق العدالة في مناطق سيطرتها، عدالة عدها يمنيون ”زائفة“.مليشيا الحوثي التي حولت قضية اعدام المتهمين بقتل الأغبري ”الغامضة“ والتي هزت المجتمع واصبحت قضية رأي عام، حولتها المليشيا إلى حملة دعائية لتلميع صورتها وتبرئة صفحتها من جرائم بشعة ترتكبها بحق اليمنيين كل يوم.
ومع محاولة مليشيا الحوثي تقديم هذه القضية كنموذج لحرصها على تحقيق العدالة، طرح ناشطون يمنيون تساؤلات كثيرة عن جرائم تديرها المليشيا عبر أجهزتها الأمنية وعصابات متخصصة، وكم قضية حظيت بمحاكمة سريعة وانتهت بالاقتصاص من المجرمين؟.
كباش فداء
وتعليقا على عملية الاعدام، قال وزير الاعلام اليمني معمر الارياني، إن "مليشيا الحوثي تحاول دفن الملف بإعدامها أربعة من المتهمين، دون أن تتضح ملابسات القضية والأسباب الحقيقية التي دفعت تلك الذئاب البشرية للتناوب على تعذيب الاغبري، وقتله بتلك الصورة الوحشية التي هزت الرأي العام اليمني والعربي".
وتساءل عن الأسباب التي تقف خلف استمرار مليشيا الحوثي الإرهابية في اعتقال الضابط "عبدالله الاسدي" ضابط التحقيق في القضية منذ سبعة أشهر ومنع الزيارة عنه أو تواصله بأسرته، على خلفية اتهامه بتسريب تسجيلات واقعة تعذيب الاغبري، وتفجير غضب شعبي وتحويل الجريمة لقضية رأي عام.
وأكد الارياني، أن هذه الشواهد وغيرها تؤكد تلاعب مليشيا الحوثي الإرهابية بملف القضية، وإعدامها أربعة من المتورطين في الجريمة قدموا كبش فداء لامتصاص الغضب الشعبي العارم، واخفاء الدوافع الحقيقية خلف ارتكاب الجريمة والتستر على المتورطين الرئيسيين فيها.
عدالة عوراء
بدوره، قال وكيل وزارة الاعلام، عبدالباسط القاعدي، ان ”أي عدالة لا تطال القتلة من المشرفين الذين اقترفوا عشرات الجرائم من القتل بحق المواطنين في وقائع مشهودة هي جريمة في حد ذاتها وعدالة ناقصة“.
وأشار في تدوينة على ”فيسبوك“، الى ان "الكثير من القتلة فروا الى حضن عصابة الحوثي ورفضت حتى حبسهم وتحاول تبييض صورتها بهذا الحكم“، مؤكدا ان ”الحوثية خطيئة بحد ذاتها وما دون ذلك هراء“.
وأضاف القاعدي: ”العدالة العوراء التي تنظر بربع عين ليست عدالة، ولا يصح كيل العدالة بمكيالين فهي قيمة واحدة لا تتجزأ“، مشيرا الى ان ”الكهنوت الحوثي قائم على نسف مبدأ العدالة وإشاعة الظلم والقهر، ولن يكون يوما ما في صف هذه القيمة العظيمة“.
وختتم وكيل وزارة الاعلام اليمني تدوينته قائلا: "تتحق العدالة فقط حين ينتصر الشعب اليمني على عصابة الحوثي السلالية".
سلوك خادع
الكاتب اليمني، محمد المياحي علق على “عدالة الحوثي المزعومة“، بمقال قال فيه: ”يتباهى الحوثي بسرعة إنجاز العدالة في قضية الشاب الأغبري، يعتقد أن تنفيذ حكم الإعدام بمثابة شهادة سياسية لسلطانه العادل والحازم، هذا السلوك الخادع لا يقنع به الحوثي أحداً سواه، إذ ما من صفة عدالة يمكن أن يتلبسها الحوثي بهذه السهولة، مهما حاول تسويق نفسه بهذه القضية أو تلك، والظهور بمظهر السلطة المحققة للعدالة بين الناس".
وأضاف: ”في الحقيقة، لا يمكن لسلطة يخاصمها ملايين اليمنيين أن تغدو بيوم وليلة سلطة تحوز رضاهم، وتؤتمن على مصائرهم، ذلك أن بحر الجريمة الحوثية أغزر من أن يتلاشى لمجرد أن تنجز عدالة ما فردية ولا تمسّ جوهر السلطة؛ أي أن جوهر العدالة في السلطة مفقود، ولا يمكن ترميمه بحادثة أو اثنتين أو حتى عشر“.
وأكد المياحي انه "مهما حاول الحوثي استثمار قضية هنا وحادثة هناك؛ كي يُرمم صورته الأخلاقية المشوَّهة، علينا أن نحرص على كشف الآعيبه، ونعمل على تجريده من أي مكاسب أخلاقية يحاول التربّح بها من مظالم الناس، فلا شيء يمكنه أن يطهّر هذه الجماعة من لوثتها حتى لو ارتدت ثياب عمر ابن الخطاب -مع كونهم لا يحبون عمر- وأشهرت سيف الحق في كل قضية“.
وتابع: "ففي كل حالاتها لا يمكنها أن تحجب عن الناس حقيقتها الجوهرية، كجماعة ليست مجرمة فحسب؛ بل وراعية للجريمة، وليس ثمة صفة بعيدة عنها مثل بُعدها عن أي سِمة من سِمات العدالة".
مساحيق تجميل وقطع خيوط
من جانبه، قال الكاتب والصحفي، سلمان الحميدي، تعليقا على عملية الاعدام: ”ما زال الضابط الأسدي، في معتقلات الحوثي، لأنه قام بتسريب فيديوهات تعذيب وقتل عبدالله الأغبري“.
وأشار الحميدي الى ان مليشيا الحوثي سجنت الضابط "الأسد" لأنه "حول القضية إلى رأي عام ساخط أربك الحوثيون، وخافت من وصول خيوط الجريمة إلى رموز الجماعة، فما كان منها إلا بتر تلك الخيوط بإعدام القتلة، لأجل امتصاص السخط الشعبي العارم، وظهور المليشيا بمظهر العادل الصارم“.
ونوه الى ان "الحوثيين يستغلون كل شيء لتجميل أصلهم المشوه، ولكن المساحيق لا تغطي أكثر من نقطة في وجه مليء بالتشوهات“، مؤكدا ان "إعدام القتلة، لا ينفي صفة الإجرام عن مليشيا ارتكبت جرائم بالجملة، من قتل الأطفال، وتعذيب الناس حتى الموت، ومحاكمة اليمني على أغنية“. واختتم تعليقه بالقول: ”عقبى للعدالة الكبرى التي تنصف اليمنيين كلهم".
مثال على "عدالة الحوثي“
اما المحامي، خالد الناصر، فقد أعاد التذكير بقضية قتل جماعي حدث قبل ثلاث سنوات ونصف في أحد أرياف محافظة ريمة النائية ومرتكب الجريمة أحد عناصر المليشيا الذي عاد بعد دورة تعبئة طائفية ووجه سلاحه وأودى بحياة أربعة من أبناء قريته في عزلة المسخن بمديرية بلاد الطعام.
وأشار الناصر في تدوينة على "فيسبوك"، بعنوان "الرأي العام وتأثيره على العدالة"، الى الدور الغائب للإعلام الصانع للرأي العام عن مئات الأحكام النهائية المتعفنة على رفوف المحاكم.
وقال الناصر إنه تم "تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المحكوم عليهم في قضية مقتل عبدالله الأغبري، وقد تزامنت إجراءات المحاكمة أمام درجات التقاضي الثلاث (الابتدائي والاستئنافي والعليا) بحراك إعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية وكانت القضية حديث الشارع والعامة نظراً لبشاعة الجريمة".
وأضاف: تنفيذ الأحكام أمر محمود، لأنه لا خير في قضاء لا نفاذ فيه وأن ثمرة الأحكام تنفيذها، ولكن الغريب في الأمر في الآونة الأخيرة تبين أن تنفيذ بعض الأحكام الجنائية الصادرة بحق المحكوم عليهم بالقصاص أصبح يخضع لتأثير الراي العام بالرغم أن هناك قضايا صدرت فيها أحكام بإعدام متهمين قاموا بارتكاب جرائم قتل بطريقة بشعة ووحشية".
وتابع: إلاّ أنه ونظراً لغياب تلك القضايا عن الراي العام وعدم تناولها إعلاميا لم تُنفذ تلك الأحكام بالرغم أنها أصبحت نهائية وباتة ومرت سنوات عديدة دون أن يتم تنفيذها.
وأستعرض المحامي مثالاً للعدالة التي لا تحضر إلا بالرأي العام، في قضية المحكوم عليه "أحمد علي الجبوب" من أهالي قرية الجبوب عزلة المُسخن مديرية بلاد الطعام بمحافظة ريمة والذي قتل 4 أشخاص أحدهم امرأة، وحاول قتل اثنين آخرين.
وتتلخص وقائع القضية كما رواها المحامي، أنه و"في 4 مارس 2018، أقدم أحمد الجبوب على قتل المجني عليهم/ محمد سعد عبدالله راجح، راشد مهدي محمد صالح العزب، وباسم مهدي محمد صالح العزب وهند حسن أحمد العزب، بأن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من سلاحه الآلي وأرداهم قتلى في الحال ثم قام بالشروع في قتل المجني عليهم/ مهدي محمد عبدالله مهدي ووليد عبده احمد الحداد بأن اطلق عليهم عدة أعيرة نارية نتج عنها إصابات بليغة في أجزاء متفرقة من أجسامهم وتسبب لهم بإعاقة مستديمة".
وأوضح أن "ارتكاب الجريمة كان دون سبب يذكر"، مشيراً إلى اتخاذ كل الإجراءات بحق المتهم من التحقيق في الشرطة إلى النيابة إلى تحريك القضية بدعوى جزائية في محكمة الجبين الإبتدائية.
وقال إن المتهم أقر في المحاكمة "بقتل المجني عليهم عمداً وعدواناً وقصد إزهاق أرواحهم وأنه ليس نادماً على فعله، ومن وجهة نظره أن دماءهم مباحة وأنهم منافقون، وأن الله أمر بقتلهم في القرآن".
وأضاف المحامي خالد الناصر: وصدر حكم ابتدائي من محكمة الجبين بإدانة المتهم المذكور بما نسب إليه ومعاقبته بالإعدام قصاصاً وتعزيراً رمياً بالرصاص حتى الموت على أن ينفذ الحكم في ساحة عامة يحضرها العامة ويدعى إليها وسائل الإعلام".
وأردف: عقب النطق بالحكم أفاد المحكوم عليه أنه موافق على الحكم ومشرف له (مستعد لتنفيذه عليه)، مشيراً إلى تأييد محكمة الاستئناف، للحكم الابتدائي، وإصدار الشعبة الجزائية بالمحكمة العليا بصنعاء، حكمها بتاريخ 23/9/2018م قضى بإقرار الحكم الإبتدائي الصادر عن محكمة الجبين الإبتدائية بجميع فقراته".
ونشر المحامي صورة للحكم النهائي، وأكد أنه "مر على صدور الأحكام النهائية والباتة عامين (والحقيقة أنها مرت ثلاثة أعوام) ولم يتم تنفيذ الحكم، ولا زالت جثث المجني عليهم في ثلاجة مستشفى الحديدة إلى الان لأن أولياء الدم رافضين دفنهم إلا بعد تنفيذ القصاص الشرعي".
واستدرك "مع العلم أنه قد تم عرض الملف على رئيس الجمهورية (المجلس السياسي الحاكم في منطق سيطرة الحوثيين) للمصادقة بعد عودته من المحكمة العليا".
وتساءل المحامي عن الأسباب المعرقلة لتفيد الحكم "هل السبب هو عدم وجود من يوصل صوت أولياء الدم إلى الجهات الرسمية ؟ أم عدم وجود أي حراك شعبي أو إعلامي في هذه القضية؟".
وعبر عن استغرابه من مماطلة النيابة العامة (الخاضعة للحوثيين) المنوط بها تنفيذ الأحكام النهائية والباتة بدون تأخير طالما أن التنفيذ أصبح واجب ودون وجود اي موانع في التنفيذ". وقال: من خلال منشورنا هذا نوجه نداءنا إلى الجهات المعنية من اجل ايصال رسالة أولياء الدم المطالبين بتنفيذ عقوبة القصاص مساوةً بالقضايا الأخرى لتحقيق العدالة ونصرة المظلومين.
وأتس أبطباعةتويترفيس بوكجوجل بلاس