• 06 Jan 23
  • smartwatchesss

أجهزة العدو الاستخباراتية وأساليبها

الحروب اللأخلاقية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على غزة وسكانها بين الفينة والأخرى والتي يستخدم فيها كل المحرمات الدولية، تضع العالم في ذهول عندما يرى قتل الأطفال الأبرياء في غرف نومهم وعلى أسرتهم أو في أماكن لهوهم ولعبهم في الأزقة والشوارع والساحات والمدارس، قتل للنساء الحوامل والرضع وصاحبات العوائل الكبيرة، بجانب الشيوخ والشباب، قتل ممنهج ومبرمج ومخطط له، يريدون قتل الرحم الفلسطيني ليتحقق الهدف الصهيوني المعلن والمصاحب لكل هجمة صهيونية ألا وهو“تغيير الوضع الأمني في الجنوب الفلسطيني” أي القضاء على حماس والمقاومة وإيجاد وضع أمني متعاون وعميل يدافع عن النسل الصهيوني على حساب النسل الفلسطيني كما حدث مع قوات لحد اللبنانية في الجنوب اللبناني وما يحدث في الضفة الغربية، أي أن الهدف الحقيقي هو “العمالة أو الإبادة” ، ومن هنا يتضح لنا ما يجري في الخفاء ومن وراء الكواليس بعيدا عن الصواريخ الحارقة و شلالات الدماء النازفة والبيوت المدمرة في غزة، تقوم المخابرات الصهيونية أو ما يسمى بجهاز الشين بيت بشن هجمات وقحة وعلى نار هادئة على أبناء الشعب الفلسطيني عامة والغزي بصورة خاصة عبر الاتصالات المباشرة بالطرق المدروسة والعشوائية بالناس ومن الجنسين ومن مختلف الأعمار ومختلف التخصصات المهنية مع التركيز على أبناء الفصائل المقاومة بهدف إسقاطهم والحصول على المعلومات الاستخبارية الدقيقة وزعزعة الصف الداخلي وزرع بذور الشك والفتنة بين صفوف المواطنين وإضعاف الروح المعنوية التي يتحلى بها أبناء الشعب الفلسطيني الغزي والمتمثلة بدعمهم وحمايتهم للقيادة والحكومة الفلسطينية المقاومة. و العدو الصهيوني عادة يقوم بتقسيم قطاع غزة إلى مدن وقرى ومخيمات ومناطق ويتولى كل منطقة ضابط مخابرات صهيوني يجيد اللغة العربية ومتخصص في علم النفس وخصائصها بالإضافة لمعرفته بطبيعة الإنسان الفلسطيني وأوضاعه واحتياجاته الراهنة فيقوم بالاتصال بالمواطنين الفلسطينيين عارضا عليهم التعامل عبر وسائل الإسقاط المعروفة مسبقا من المال والثراء، التهديد والوعيد، تقديم الخدمات التعليمية والصحية والاقتصادية، توفير فرص عمل ومحترمة، توفير المخدرات وتسخير العاهرات، التلميع ورفع الشأن كالزعامة والقيادة، الانتقام من الخصوم عبر إمداده بالسلاح والمال (مستغلا عداء وأحقاد الفلسطينيين لبعضهم البعض )، وغيرها من الوسائل المتنوعة والمختلفة والتي تتناسب مع كل ضحية وزمانها ومكانها، فيعرضها على المواطنين عبر الاتصالات الهاتفية مباشرة أو عن طريق بعض المجندات اللواتي ينتحلن أسماء عربية من بلدان مختلفة أو من قرى الداخل الفلسطيني، ليجندوا المزيد من العملاء فيضربوا بهم الجبهة الداخلية فيفت عضدها ويحطم معنوياتها ويضعف مقاومتها، وتكون اهتماماته منصبة نحو الأطراف الحدودية ليؤمن جانبها فيكثف الاتصالات في المناطق الحدودية الشمالية والشرقية والجنوبية لقطاع غزة أكثر منها في الوسط وغربه ويكون الطرف الفلسطيني أمام هذه الاتصالات من الأصناف التالية:

1- إغلاق الهاتف مباشرة دون الدخول في نقاش أو استفسار.2- ترك الضابط يتكلم ويعرض ما لديه من مغريات ثم يقوم الفلسطيني بصب حمم براكينه وغضبه عليه.3- يترك الضابط يتكلم ويعرض ما لديه من مغريات ثم يقوم الفلسطيني بالسخرية والاستهزاء والتدليس والتهليس .4- يتجاوب مع الضابط الصهيوني ويعده بتنفيذ ما يريد ثم يقوم بنقل ما حدث معه إلى أقاربه وأصدقائه والى أصحاب الأمر بهدف التوجيه والنصيحة.5- يتجاوب معه بهدف الحصول على الامتيازات المذكورة سابقا وخاصة المال دون تنفيذ ما يريد الضابط.6- يضعف أمام المخابرات ويعده ولكنه لا يفعل شيئا ويبقى مرتبكا خائفا لا يبوح لأحد بأي شيء ويعيش في جو نفسي متوتر يؤثر على سلوكه وانفعالاته وسرعان ما ينهار و يبوح ولكن في دوائر شخصية محدودة.7- يضعف ويرتبط وينفذ ما يطلب منه.ويفضل ضابط المخابرات الفلسطينيين ذوات الفئات العمرية التي تتراوح ما بين 18-40 سنة وذلك وفقا لطبيعة هذه الفئة واحتياجاتها (الدراسة،الزواج،البيت،العمل،الطعام،الدواء،السفر،..)، وتعتبر هذه الفئة وخاصة 18-25 هي وقود العمل العسكري المقاوم وزاد التنظيمات المقاومة بهدف اختراقها ومعرفة خططها وتشكيلاتها وعتادها كذلك ما يتماشى مع طبيعة هذه المرحلة من حب الظهور والتباهي والفضول.وهكذا نجد العدو الصهيوني لا يمل من شن حملات أمنية متلاحقة لإسقاط ما يستطيع إسقاطه، ومع ذلك فان حملاته ستبوء بالفشل كما باءت حملاته العسكرية بالفشل من قبل، إذ أن الشعب الفلسطيني يعيش صحوة إسلامية وطنية غير مسبوقة وقد بدا يعرف جيدا هدفه في ظل انهيار المشاريع الاستسلامية وتعرية المشاريع الخيانية، و صحوة الضمير الشعبي للأمم الغربية والإسلامية والدولية تجاه القضية الفلسطينية فما على المواطن الفلسطيني إلا إغلاق الطريق أمام هذه الأبواق المسمومة وعدم الرد عليها حتى ولو تكررت الاتصالات مرات عديدة فيجب تجاهلها واستخدام التقنية الهاتفية في تجاهلها بالإضافة إلى فضحها والحديث الصريح عنها دون خوف أو وجل وتسليم أرقام الهواتف لذوي الاختصاص ( الجهات الأمنية) التي تعرف التعامل معها وتوعية الناس بحقيقتها وخاصة في وسائل الإعلام المفتوحة ومن خلال الخطب وكلمات الوعظ والمحاضرات وحتى من خلال حديث العامة في الزيارات العائلية والتجمعات الشبابية بالإضافة إلى المراقبة والمتابعة للشباب والصبايا من قبل ذويهم وأولياء أمورهم وخاصة إذا طرأ تغير على حياتهم الشخصية واستغلال فرصة الحملة الوطنية لمكافحة التخابر التي ترعاها الجهات الأمنية بالحكومة الفلسطينية صاحبة الخبرة والدراية والتي تتعامل مع الحدث بمهنية أمنية عالية وتوفر الدعم المادي والمعنوي لأبناء الشعب الفلسطيني.

الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية“أمان”: النشأة والتطور وعلاقتها بالجيش الإسرائيلي

مقدمة

مقالات ذات صلة

شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تعتبر الأهم بين أجهزة الأمن الإسرائيلية لدور الكبير الذي تلعبه في بلورة القرار السياسي في إسرائيل عبر ما يسمى بمسالة التقدير القومي الذي يضع الرؤية المطلوبة للسياسات الإسرائيلية بناء على المعلومات التي تقدمها “أمان”.

بقي تأثير “أمان”ومكانتها كبيرة حتى حرب تشرين أول 1973 حيث طالبت لجنة اغرانات التي حققت في نتائج الحرب أن يأخذ بالحسبان تقديرات الأجهزة الأخرى حتى لا تنفرد “أمان”، بموقفها وتكون للقيادة السياسية خيارات أوسع في تحدي مواقفها في القضايا المختلفة.

تنبع أهمية “أمان” أيضا من اسمها مرتبط أيضا بالجيش الإسرائيلي الذي يعتبر اقوي مؤسسة في الدولة العبرية ويمتلك القدرة والتأثير في جميع مناحي الحياة فيها وبالتالي تحظى تقديراتها رغم توصيات لجنة اغرانات بمكانته مهمة وهي لا تزال تصدر تقرير نصف سنوي وسنوي يحظى باهتمام واسع وتتناوله الأوساط الإسرائيلية المختلفة بالتحليل والتعليق.

للأسباب السابقة وأخرى يتناول الباحث نشأة هذا الجهاز وتطوره وعلاقته بالجيش الإسرائيلي، وتعتبر مراحل تطوره المختلفة وبداية نشأته ضرورية لفهم طبيعة عمل هذا الجهاز وأقسامه المختلفة اذ ترك كل رئيس له بصماته الواضحة عليه بطريقة او أخرى.

لا يمكن فصل تطور الجهاز عن صراع الأجهزة وتربص بعضها ببعض كي تتملك بيدها معظم الأوراق الأمنية وهو ما يبينه رفض الموساد قيام “أمان” بمهمات خارج حدود الدولة العبرية عدا دول الجوار واعتراض رئيسه يسرائل هارئيل على نقل الوحدة 131 إليه واستغلال فضيحة لافون ثم وحدة إيقاظ الليل ومن هنا فان البحث يتناول هاتين المسألتين بتفصيل مع محاولة للوقوف على أقسامه المختلفة، ومراحل تطور “أمان” وتأثير رؤسائها المتعاقبين على تطورها.

الفصل الأول:الاستخبارات العسكرية قبل قيام دولة إسرائيل

الفصل الثاني:الاستخبارات العسكرية بعد قيام دولة إسرائيل:

1. خدمة الاستخبارات العسكرية (عهد ايسر بيري)

2. محاكمة رئيس خدمة الاستخبارات عسكرية وعزله

3. دائرة استخبارات في المنطقة الجنوبية

4. خدمات الاستخبارات والجيش الإسرائيلي

5. الاستخبارات في عهد حاييم هيرتسوغ

6.الاستخبارات العسكرية في عهد بنيامين جبلي

7.من دائرة استخبارات إلى شعبة استخبارات(عهد يهوشفاط هركابي)

الفصل الثالث: اذرع الاستخبارات الفاعلة وعملياتها

* الوحدة 131وعملية سوزانا(فضيحة لافون)

* الرصد السلكي

* تأسيس دائرة الأبحاث والتقدير لاستخباري

*الاستخبارات العسكرية ضد المقاومة

*الاستخبارات العسكرية تغتال مصطفي حافظ وقادة فتح في بيروت

*“الوحدة 8200” ذراع التجسس الإلكتروني في شعبة الاستخبارات

الفصل الرابع : الهيكلية الإدارية والتنظيمية لشعبة الاستخبارات

الفصل الأول:الاستخبارات العسكرية قبل قيام دولة إسرائيل

لا يمكن الجزم بوجود جهاز استخبارات عسكري قبل قيام دولة إسرائيل في 15/5/1948 بالمفهوم الذي حمل هذا المعنى بعد النشأة وصدور قرار بتنظيم أجهزة الأمن الإسرائيلية في 30/6/1948 كان من بينها خدمة الاستخبارات العسكرية برئاسة ايسر بيري، إلا أن مهام جهاز الاستخبارات العسكرية كان قائماً وإن بشكل ضيق في إطار المجموعات غير المنظمة في “شاي” جهاز مخابرات منظمة “الهاغاناة”.

خلال حرب عام 1948 تبلور ما سمي بجهاز الاستخبارات المقاتلة الذي كان استمرار مباشرا لوحدات “شاي” الهاغاناه ولوحدات الاستطلاع التابعة للبالماخ ولمجموعة متحمسين عملوا في هذا المجال مثل زوبابل دارمان (اربيل) المعروف باسم “تشيفاب”.

في مستوطنة جوكرة عام 1941 تعلم تشيفاب لأول مرة خلال دورة قادة الفئات[1]كيف يكتبون جزء العدو في صيغة مقبولة لأمر عملية، والذي يفصل المعطيات الاستخبارية عن العدو الذي ينوون مهاجمته مثل: عدد محاربيه وكميات الأسلحة التي يمتلكها وصور انتشاره، والإمكانات المتوفرة لدية ومدى استعانة بالمنجدات وهكذا.

فوجئ تشيفاب بعدم وجود ملفات من هذا النوع عن منطقة الجليل فاقترح على قائدها يسرائيل بن الياهو إقامة وحدتي استطلاع بقيادته ليقوما بالتجول في واجهة غور الأردن وغوش هاجلبواع لجمع معلومات عن المنطقة ووضعها في ملفات تتضمن معلومات عن المجموعات والذخيرة والتنظيمات داخل القرى الفلسطينية وتكوين صورة استخبارية صحيحة.

عندما عرض تشيفاب الملفات التي أعدها أمام يغئال يادين الذي كان آنذاك رئيسا لشعبة العمليات في القيادة القطرية لمنظمة الهاغاناه الذي طلب منه فوراً أن ينظم مع شموئيل (زايما) ديبوت دورة الاستخبارات الأولى، وقد عقدت الدورة في شفيا وأصبح خريجوها يعرفون كيف يعدون (ملف الاستخبارات)، التي لم تشمل معطيات عن العدو بل قوته العسكرية، وأقيمت دورة ضباط استخبارية نصف سنوية في الخضيرة عام 1946 تعلم أفرادها لأول مرة ومعظمهم من ضباط هشاي اللغة العربية واكتسبوا خبرات من أشخاص مطلعين على الحياة العربية في فلسطين.

وضعت الدورة في شفيا والأخرى نصف السنوية في الخضيرة الأسس لجهاز الاستخبارات المقاتلة في الجيش الإسرائيلي في حرب 1948، فخريجو هاتين الدوريتين اشتركوا في وظائف ضباط استخبارات في الألوية التي خاضت المعارك في حرب 1948 وطبقوا النظريات التي اكتسبوها على الطبيعة[2].

بعد أيام من قرار تقسيم فلسطين الصادر في 29/11/1947 استدعى يغئال يادين تشيفاب وطلب منه أن ينظم بسرعة فائقة دورة استخبارات عاجلة عقدت في بيت أعضاء الهستدورت بتل أبيب، لكن المعارك اندلعت خلالها، ورفض تشيفاب اقتراح يادين ترئس الاستخبارات المقاتلة في رئاسة أركان الهاغاناه وطلب اشغال وطنية ضابط استخبارات في وحدة ميدانية، فاستجاب له يادين حيث عمل تشيفاب في جولات حرب بدون توجيه استخباري مهني وبدون تركيز في شمال الضفة والجليل والعمق اللبناني.

في آذار 1948 بعد إغلاق الطريق إلى القدس وجد تشيفاب نفسه ضابط استخبارات لوائي في عملية “نخشون” التي هدفت لاحتلال القدس وفك الحصار عن الحي اليهودي فيها، حيث كانت المعلومات الواردة من العملاء والمخبرين العرب قليلة، فاختار للحصول على معلومات سريعة عن المقاول الفلسطينية طريق الاستطلاع الجوي فوضعت “الهاغاناه” تحت تصرفه طائرة استطلاع، وأخذ يقضي ساعات طويلة في عمليات التعقب الجوي للحواجز العربية التي اقيمت على الطرق ولعدد الأشخاص الذين وضعوا لحراسة هذه الحواجز وكان ضابط الاستخبارات على مستوى الكتائب يحضرون إلى قيادة نخشون لأخذ المعلومات التي جمعها تشيفاب ورجاله، واحيانا كان تشيفاب يضع المعلومات التي يجمعها في كيس من النايلون ويقوم بإلقائها في كيس من النايلون من الجو على القوات الإسرائيلية الموجودة على الأرض.

الفصل الثاني:الاستخبارات العسكرية بعد قيام دولة إسرائيل

1. خدمة الاستخبارات العسكرية (عهد ايسر بيري):

في 30/6/1948 عقد اجتماع من قيادة “شاي” ترأسه رئيس الشاي ايسر بيري ودعي إليه قائد شاي في القدس بنيامين جبلي، وقائد شاي في الشمال إبراهيم كدرون، وقائد شاي في تل أبيب اليسر هلفرين، وبوريس جورئيل، ودافيد كاروف.

ابلغ بيري الحاضرين أن دافيد بن غوريون قرر مع إقامة الدولة وجوب إعادة تنظيم خدمة الاستخبارات، بل ووافق على برنامج تنظيم جديد قدمه إليه أيسر بيري نفسه، وبناء على البرنامج ستعمل الخدمات السرية في الدولة اعتباراً من (30/6/1948) في إطار ثلاثة أقسام[3]:

أ‌- خدمات استخبارات عسكرية يرأسه ايسر بيري.

ب‌- دائرة سياسية سرية في وزارة الخارجية تجمع مواد من الخارج برئاسة بوريس جورئيل.

ت‌- دائرة للأمن الداخلي (ش. ب. شيروت بطاحون) برئاسة هلفرين (هرئيل).

في الثلاثين من حزيران أيضاً صدر أمر من رئاسة الأركان العامة موقع من قبل رئيس الأركان يغئال يادين يقضي بحل خدمات “طنا” وهو اسم الشيفرة “لخدمات الأنباء” التابعة للهاغاناه “شاي”، وبإقامة خدمات الاستخبارات العسكرية وكلفت الاستخبارات الجديدة بأربعة مجالات مسئولة هي:

1. الاستخبارات المقاتلة.

2. امن العمليات.

3. التجسس المضاد.

4. التنصت والمراقبة.

وجاء في الأمر أن الاستخبارات الجديدة ستكون مباشرة لشعبة الأركان في رئاسة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وخول بيري باسم رئاسة الأركان أن يعالج موضوع تصفيه “طنا” وتنظيم طرق تزويد المعلومات للقوات المحاربة خلال الفترة الانتقالية ودراسة جميع المواضيع الاستخبارية في وحدات الميدان.

2. محاكمة رئيس خدمات الاستخبارات عسكرية وعزله:

التجسس المضاد، وأمن الميدان اللذين كانا في نطاق مسئولية الاستخبارات العسكرية جعلت ايسر بيري ونائبه بنيامين جبلي يركزان على ما له علاقة بموضوع التجسس فقد أشتبها بأن مئير طوبيانسكي أحد كبار الموظفين في شركة كهرباء القدس والذي كان قائداً في الهاغاناه سلم قائمة من العناصر الحيوية في القدس ومصانع الأسلحة إلى الإنجليز، فأمر باعتقاله وجرى التحقيق معه بحضور بيري وثلاثة من مساعديه وقدم طوبيانسكي إلى محاكمة في منزل مهجور وصدر في اليوم الأول من المحكمة قراراً بإعدامه وتم تنفيذ ذلك رميا بالرصاص.

أيضاً اتهم على قاسم وهو مخبر عربي بأنه عميل مزودج وخائن فأمر بيري بإعدامه، وعندما عثر على جثته وعلم دافيد بين غورون أمر بالتحقيق وقام بعزل بيري وقدمه للمحاكمة بعد سته شهور من إشغاله منصبه كرئيس لخدمة الإستخبارات العسكرية.

وجهت اتهامات إلى بيري بتقديم وثائق مريفة في آب 1948 إلى دافيد بن غوريون متعلقة بخيانة آبا حوشي، أو اعتقال جول مستر أحد مساعدي آبا حوشي مدة 76 يوماً ليعترف بالخيانة إلا أن ذلك لم يؤد إلى عزله لكن عندما تبين في كانون ثاني 1949 بعد شهور من طرده من منصبه وبعد أن قدمت نتائج التحقيق المتعلقة بالوثائق المزيفة طلب من بيري مغادرة الجيش الإسرائيلي وسحبت منه رتبته العسكرية وهي رتبة مقدم، وفي تشرين 1949 عندما اعتقل وقدم للمحاكمة بسبب قضية طوبيانسكي وحكم على بيري بالسجن الفردي ليوم واحد فقط[4].

3. دائرة استخبارات في المنطقة الجنوبية :

أقامت خدمة الاستخبارات العسكرية لأول مرة بعد تأسيس دائرة استخبارات كبيرة في المنطقة الجنوبية ضمت طاقماً كسب خبرات في معالجة مواضيع الأرض والعدو، والإدارة وبقية المجالات الاستخبارية ومن هذه الدائرة تدفقت تقارير استخبارية يومية وتقرير أسبوعي كما كانت ترسل تقارير مشابهة إلى رئاسة الأركان.

الدور الرئيس لدائرة الاستخبارات خلال حرب 1948 في الجبهة الجنوبية كان جمع المعلومات بواسطة الطلعات الجوية والمراقبات والرصد على المستوى التعبوي، وقام بهذه المهمة مردخاي بن تسور، وقد استعان قائد الجبهة الجنوبية آنذاك يغئال آلون بضابط الاستخبارات تشيفاب ليقنع دافيد بن عوريون خلال زيارته للجبهة بقدرة الجيش الإسرائيلي على الانتصار على الجيش المصري وانزال ضربة قاصمة به، وقد نجح في ذلك ووافق من غوريون على البدء بحملة “يوآب” في منطقة النقب.

في المعارك الأولى التي وقعت في اطار حملة يوآب ألقي القبض على أسرى ووثائق كثيرة تضم مجلدين كانا يحتويان على أسماء جميع الضباط في الجيش المصري والمعلومات الشخصية الخاصة لهم وطريقة ترفيعهم، وكان هذا الكشف بمثابة منجم ذهب لدائرة الاستخبارات في الجبهة الجنوبية، وخلال زياراته المتكررة لسجن الأسرى كان تشيفاب يحقق مع ضباط مصريين بعد أن كان قد اهتم سلفا بحفظ أسمائهم وإيجاد ما هو مكتوب عنهم في كتاب الضباط، والنتيجة كانت أن الضباط يضطرون للحديث عن كل ما كانوا يعرفون، ومن المفهوم أنه بهذه الطريقة لم تكن هناك أية مشكلة في الحصول من الأسرى المصريين على المعلومات الضرورية عن قوات الجيش المصري، في النقب في ذروة عملية يوآب.

بعد انتهاء حرب 1948 بالتوقيع على اتفاقات الهدنة طرأ انخفاض كبير في الأهمية التي نسبها قادة الجيش للاستخبارات – الإستراتيجية على مستوى رئاسة الأركان التي سميت أولا خدمة الاستخبارات وبعد ذلك قسم الاستخبارات، وقد أهملت استخبارات الميدان وكانت لخدمة سنوات طويلة بمثابة الابن العاق لجهاز الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي حتى أن عين الجنرال حاييم لسكوب رئيسا لقيادة الجيش الإسرائيلي وطالب بضرورة تطوير الاستخبارات المقاتلة والاهتمام بتقدمها السريع في جميع وحدات الجيش الإسرائيلي.

4. خدمات الاستخبارات والجيش الإسرائيلي[5]:

الاجتماع الذي عقد في 30/6/1948 وتم فيه أول عملية تنظيم للأجهزة الإسرائيلية بإشراف مباشر من أيسر بيري وأوامر من دافيد بن غورنون، أوجد مشكلة في تبعية خدمات الاستخبارات فقد كان من الواضح أن تقاريرها سترفع إلى القيادة السياسية ما أوجد خلافاً مع شعبة الأركان في رئاسة الأركان التي رأت وجوب أن تقع خدمات الاستخبارات تحت مسئوليتها.

كان ضابط الاستخبارات في سلاح البحرية أحد المعترضين على مكانة الخدمات الاستخبارية وجاء ذاك في رسالة وجهها لرئيس شعبة الأركان بغئال يادين في رئاسة الأركان والذي كتب يرد عليه:

1. إن سلاح البحرية خاضع لإشراف أقسام الاستخبارات المسئولة عن الأمن والمراقبة وعمليات التجسس المضاد.

2. في كل ما يتعلق بالاستخبارات المقاتلة، فإن الخدمتين ستعملان من خلال التنسيق فيما بينهما ويجب عليهما تبادل المعلومات المتوفرة لديهما.

3. يجتمع رئيس الاستخبارات وضابط استخبارات سلاح البحرية ليتفقا على التفاصيل المتعلقة بالأمر المذكور.

وهناك مجابهة استخبارية حدثت في أيلول 1948 بين الاستخبارات العسكرية وبين دائرة الأبحاث في وزارة الخارجية، وهذه المجابهة أجبرت يغئال يادين على وضع وثيقة حددت بوضوح صلاحيات كل طرف فوجه رسالة الى يسر بئيري وروبين سيلواح في22 أيلول 1948 جاء فيها: نظام عمل مؤقت بين خدمة الاستخبارات ودائرة الأبحاث

1. خدمة الاستخبارات مسؤولة فقط عن جمع المعلومات وحل رموزها في كل ما يتعلق بالمجالات العسكرية سواء بالنسبة للشؤون الإستراتيجية أو بالنسبة للشؤون التعبوية العملية.

2. دائرة الأبحاث، تهتم أيضا بالمواضيع الأنفة الذكر سياسيا وعسكريا.

3. جميع نشاطات العملاء خارج الحدود الإسرائيلية توضع بأيدي دائرة الأبحاث باستثناء المستعربين.

4. النشاطات خلف خطوط من قبل وحدات عربية غير يهودية تنفذ فقط عن طريق شعبة العمليات ودائرة الأبحاث والنشاطات خلف خطوط العدو من قبل وحدات يهودية تنفذ من قبل شعبة الأركان والاستخبارات العسكرية وفي كلتا الحالتين تجري مشاورات متبادلة.

5. الاتصالات مع الدروز، والشركس وغيرهم، تنفذ فقط عن طريق قائد وحدة الأقليات التابعة لشعبة الأركان وممثلي دائرة الأبحاث أما نشاطات خدمة الاستخبارات في هذا المجال يجب أن تنفذ فقط بعلم وبموافقة قائد وحدة الأقليات.

6. يجب على الطرفين التعاون فيما بينهما بالنسبة لتبادل المعلومات.

7. تعقد لقاءات ثابتة أسبوعية لرؤساء الخدمات مع رئيس شعبة الأركان.

5. الاستخبارات في عهد حاييم هيرتسوغ:

عين ايسر بيري بعد تأسيس سلاح الاستخبارات وحل “خدمات طنا” التابعة للهاغاناه حاييم هيرتسوغ نائبا له بنفس الرتبة “مقدم” وحدد بيري امام هيرتسوغ ملخص عمل الاستخبارات بجمع المعلومات وتحويلها إلى معلومات استخبارية.

لم يضع هيرتسوغ الوقت، ففي غداة اليوم التالي عقد اجتماعات منفردة مع كل من كان مقرراً أن يترأس في السلاح ليحدد له الكادر والنظام المناسب، وكانت النتيجة أنه في أقل من شهرين خرج اليسر الكبير وحاييم هرتسوغ إلى مبنى رئاسة الأركان في رمات جان ليعرضا هناك، أمام القيادة الكبيرة النظام التشكيلي الأول للاستخبارات، الذي تمت الموافقة عليه في 20 آب 1948.

اشتمل النظام على أربع وظائف لخدمات الاستخبارات التابعة لشعبة الأركان في رئاسة الأركان العامة[6]:

1. إقامة جهاز يجمع المعلومات عن العدو، وجهاز قواته ومبنى أسلحته وتوزيعها، ونواياه ونشاطاته، والصناعات الحربية وجهده الحربي، ومعنوياته واستقراره وانضباطه الداخلي والخارجي.

2. تصنيع المعلومات والاستفادة منها، والتعاون واستبدال المعلومات مع خدمات الاستخبارات غير الخاضعة للجيش.

3. نقل المعلومات بالسرعة المطلوبة لجميع القادة المعنيين الذين قد تؤثر المعلومات على نشاطاتهم.

4. منع تسرب المعلومات إلى العدو، عن قواتنا وتنظيمها، أو جهدنا الحربي بكافة صوره، عن طريق إقامة مراقبة عسكرية وأمن ميداني وشبكة تجسس مضادة.

وبعد ذلك بحوالي نصف عام، أي في الرابع والعشرين من آذار وبعد أن تسلم هيرتسوغ قيادة الاستخبارات خلفا لايسر بيري بوقت قليل الغي النظام الأول وحل محله نظام جديد شكل الأساس لمبنى سلاح الاستخبارات في السنوات التالية. وفي ذلك الوقت سيختفي اسم خدمات الاستخبارات (ش. م) وينقسم إلى مخلوقين رئيسين هما في الواقع جسم واحد: سلاح كغيره من الأسلحة مع وحدات أركانية من جهة ودائرة في رئاسة الأركان خاضعة لشعبة الأركان من جهة أخرى.

وبناء على اقتراح هرتسوغ تم تقسيم دائرة الاستخبارات في رئاسة الأركان إلى شعب، اشير إليها برمز “مود”، وقد كان التقسيم على النحو التالي:

مود 1. بقيادة بنيامين جبلي وتضم الاستخبارات المقاتلة، ووحدة البحث التي كانت تعمل على تصنيع المعلومات وتقييمها، وهذا القسم شكل من مقاعد مختلفة حسب البلدان: المقعد الاردني، والسوري، والمصري وما شابه ذلك.

مود 2. بقيادة مردخاي وارسمان (الموح) وشمل وحدة التنصت.

مود 3. بقيادة ابراهام كدرون وشمل وحدة أمن الميدان.

مود 4. يهتم بجميع مواضيع المراقبة العسكرية والسياسية والاقتصادية (تهرب عملاء وغيرها)، وكان بقيادة المراقب العسكري الأول جرتسون درور الذي كان مسؤولا عن الاتصالات مع الصحافة بحكم اتفاق وقع مع نقابة الصحفيين في عام 1948.

مود 5. اهتم بالتقاط المعلومات من الصحف العربية ومن النشرات العربية المكشوفة الأخرى، وترأسه مردخاي بن تسور، وبمساعدة متبرعين مختلفين تم إقامة مكتبة فخمة تابعة لخدمات الاستخبارات اشتملت أيضا على كتب مهنية بلغات مختلفة، باستثناء اللغة العربية، تتحدث عن الخدمات الاستخبارية في أنحاء العالم.

مود 6-7. بقيادة الدكتور رايفنربغ لوتس، وفيق وغيرهما وكان مجال عمله جمع المعومات المتعلقة بالخرائط والصور الجوية.

مود 8. بقيادة حاييم بعري واشتمل على الوحدة الفنية التي اهتمت بالتطوير التكنولوجي وإعداد الوثائق.

مود 9. بقيادة مئير دي شلط، ويهتم بالملحقين العكسريين الذين كان أولهم الملحق العسكري الأمريكي الذي وصل إلى إسرائيل في تشرين أول 1948.

مود 10. واعطي اسم (ضابط الوظائف الخاصة) وعمل على استخدام العملاء – عبر الخطوط.

مود 18. بقيادة شماريا غوتسمان وضم وحدة المقتحمين التي عملت في البلدان العربية (وقد عملت وقتا قصيرا فقط).

6.الاستخبارات العسكرية في عهد بنيامين جبلي[7]:

عندما تسلم بنيامين جبلي منصب رئيس دائرة الاستخبارات في رئاسة الأركان العامة خلفا لحاييم هرتسوغ في نيسان 1950 كانت تواجه الدائرة ثلاث مهام عاجلة:

أ‌. إعادة تنظيم جهاز الجمع، على أساس حديث ومتطور.

ب‌. إكمال الإطارات التنظيمية للسلاح التي بدأت تتبلور بشكل خاص خلال فترة عمل هيرتسوغ.

ت‌. تطوير جهاز البحث، الذي كان يدقق المعلومات التي جمعت ويوزع التقديرات الاستخبارية لمستهلكيها المختلفين.

أعار جبلي أهمية بالغة لإكمال المهمة الأولى بل وجذب إليها أكثر بسبب طبعه، ولهذا عمل على استثمار معظم وقته في ترميم وإصلاح جهاز جمع المعلومات، في دائرة الاستخبارات وسلاح الاستخبارات لكي يعمل مرة أخرى في جولة أخرى من المعارك مع العرب، ففي ذلك الوقت في مطلع الخمسينات، ساد الاعتقاد في اسرائيل بأن هذه الجولة لن تتأخر.

في حرب 1948 أغلقت مصادر جمع كثيرة وخاصة فيما يتعلق بالجبهة المصرية والسورية، فالصحف العربية توقفت عن الوصول إلى إسرائيل واليهود الذين يجيدون اللغة العربية لم يعد بإمكانهم السفر إلى مصر والعمل فيها، وفي أوقات الحرب سجن يهود كثيرون في معسكرات اعتقال وعندما أفرج عنهم بدأت حركة الهجرة من مصر، كما توقفت نشاطات الكثيرين من العملاء المحنكين الذين عملوا أيضا خلال فترة “شاي” في هذه الواجهة والواجهات الأخرى، إذ أنه خلال الحرب قطعت اتصالاتهم مع الاستخبارات الإسرائيلية ولم تتجدد بعدها.

واصل مود 10 الذي كان يجند ويستخدم العملاء عبر الخطوط عمله فعلا في الجبهات المختلفة ولكن نشاطاته اقتصرت فقط على المهمات السهلة (قرب الحدود)، فيما الجبهة المصرية ابتعدت، كما ازدادت المخاطر التي ينطوي عليها اجتياز الحدود إلى مصر كما أن نوعية المعلومات التي كان العملاء يجلبونها من وراء الحدود كان رديئة جدا.

7.من دائرة استخبارات إلى شعبة استخبارات(عهد يهوشفاط هركابي)[8]:

عملية تنظيم الجيش الإسرائيلي في السنوات التي تلت اقامة دولة اسرائيل لم تتجاوز سلاح الاستخبارات, ففي كانون أول 1953 أعطيت دائرة الاستخبارات مكانة شعبة مستقلة في رئاسة الأركان بعد أن استبدل البناء البريطاني للجيش الإسرائيلي بالبناء الفرنسي المكون من أربع شعب والذي يحتفظ مكانة مستقلة للاستخبارات، ففي 28 كانون أول 1953 أرسل المقدم يهوشفاط هركابي (الذي آنذاك رئيساً لدائرة الاستخبارات بالوكالة خلفا لبنيامين جبلي الذي كان يقوم باجازة دراسية في الخارج مدتها عام) برسالة خاصة إلى رجال الاستخبارات قال فيها:

لقد انفصلت دائرة الاستخبارات اليوم عن شعبة الأركان وأصبحت شعبة مستقلة في رئاسة الأركان تسمى شعبة الاستخبارات, لقد جاء هذا التغيير لإبراز أهمية سلاح الاستخبارات للجيش الإسرائيلي, إن تغيير المكانة بكل ما ينطوي عليه هو خطوة حاسمة على طريق تطورنا, ولا يوجد عمل شبيه به سوى ذلك الذي تم في مطلع إقامة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي.

إن هذا الهدف للاستخبارات يشكل بالنسبة لنا الأساس لأمن “الدولة” ووجودها ويجب علينا أن نضع هذا الهدف دوما نصب أعيننا وعلى ضوئه نسير, ويجب أن تكون أذاننا صاغية لكل ما يجري حولنا ويجب أن تكون أعيننا مفتوحة وعقلنا واسعاً ومفتوحاً لفهم كل أمر على حقيقته, ويجب أن نكن لبعضنا المحبة والتعصب للاستخبارات وأن نواصل القيام بواجباتنا على أكمل وجه.

عشية تحويل دائرة الاستخبارات إلى شعبة في رئاسة الأركان لم يزد حجم قوات سلاح الاستخبارات عن ألف شخص, فحوالي200 ضابط وجندي خدموا في دائرة الاستخبارات في رئاسة الأركان العامة, (بما في ذلك ضابط البحث) وحوالي 600 شخص في وحدات السلاح المختلفة.

إن التفاصيل التالية قد تبرز بالخطوط العامة شكل مبني دائرة الاستخبارات عشية تحويلها إلى شعبة في رئاسة الأركان العامة فقد جمعت دائرة الاستخبارات بأيديها الوظائف الآتية[9]:

لا شك فيه أن أحد العناصر التي ساهمت في دعم وتطور الاستخبارات العسكرية في إطار مجموعة الاستخبارات كان قسم الأبحاث الذي كان يعمل في إطارها, وكان مسئولا بصورة خاصة عن تقديم التقديرات الاستخبارية الوطنية, ومنذ اللحظة التي أصبحت فيها الاستخبارات العسكرية مسئولة عن إجراء التقييمات الاستخبارية الوطنية لم يكن هناك مفر من تغلغلها في مجالات سياسية أيضاُ, وهنا تقلصت دائرة الأبحاث إلى أن وصلت إلى وضع لم يكن لها فيه سوى طاقة بشرية ضئيلة جداً.

خلال عمل حاييم هيرتسوغ لدائرة الاستخبارات وضعت الأسس للعمل الأبحاثي, وقد عمل جهاز البحث على أسلوب (المقاعد) حيث يقوم كل مقعد بمعالجة شؤون دولة عربية مستقلة, وقد جاء معظم الباحثين من العالم الأكاديمي وبرز بين مجموعة الباحثين الأولى, العدد الكبير نسبياً, الذين هم من أصل أوروبي غربي, فقد غطى هؤلاء على النقص في التمكن من اللغة العربية بالقدرة على الاستيعاب, والتحليل الممتاز, والدوافع السليمة.

فخلال المعارك كانت الوحدات العسكرية تتغذى مباشرة من الاستخبارات المقاتلة ولم تنتظر حتى وصول تقييمات البحث على مستوى رئاسة الأركان, واقتصر دور رجال البحث على جمع المعطيات التي كانت تصل إليهم من مصادر جمع منفردة (وخاصة من العملاء وبعد ذلك من الرصد) عن قوات العدو واستعداداته والأسلحة التي يمتلكها, وعلى أساس هذه المعطيات كانوا يكتبون تقارير يومية وأسبوعية.

كانت وحدة العملاء تزود المعلومات بشكل خاص عن الواجهة الشرقية وبناء على تقاريرها كان رجال البحث يعدون قوائم عن استعدادات العرب في القرى المختلفة مثل: بيت جبرين-50 مسلحاً و70 بندقية ورشاشات وهكذا.

الفصل الثالث: اذرع الاستخبارات الفاعلة وعملياتها

الوحدة 131وعملية سوزانا(فضيحة لافون)[10]:

مرت إسرائيل عام1953، 1954 في ضيق شديد وكآبة وتخوف من القادم وظروف داخلية صعبة, ففي تشرين ثاني من عام 1953, استقال رئيس الحكومة ووزير الدفاع دافيد بن غوريون من منصبيه واتجه للإقامة في كيبوتس (سديه بوكر) بالنقب, وسادت مخاوف سواء في الحكومة أو بين الجمهور الاسرائيلي ألا يستطيع خليفته في رئاسة الحكومة موشيه شريت وفي وزارة الدفاع بنحاس لبون إشغال مكانهما كما يجب, وعلى الحدود سجل انخفاض في عدد عمليات التسلل إلى إسرائيل, غير أن وزير الدفاع الجديد أراد أن يثبت بأنه حازم ليس أقل من سابقه.

الوضع الدولي لإسرائيل في ذلك الوقت كان معقداً, فالاتحاد السوفيتي تحول إلى دولة عظمى معادية, بريطانيا كانت تنوي اخراج قواتها من منطقة قناة السويس, الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس دوايت ايزنهاور تنكرت لإسرائيل وفق الرؤية الإسرائيلية نتيجة الاتصالات التي قامت بها مع النظام الجيد في مصر بقيادة جمال عبد الناصر وضباطه الشبان, بعد ان سيطرت حركة (الضباط الأحرار) على الحكم في مصر في انقلاب أبيض وعزلت الملك فاروق عن العرش في عام 23 يوليو 1952, وقال بن غوريون وموشيه ديان أن الوقت يسير ضد إسرائيل, وأنه عاجلاً أو آجلاً ستحاول دول عربية استعادة كرامتها وهيبتها التي مست في حرب 1948, وقد آمن بن غوريون وديان أن الجيوش العربية ستعود لخوض جولة أخرى من الحرب, لذلك من الأفضل استباق ذلك وتنفيذ عملية مبادرة من قبل إسرائيل في توقيت تحدده, قبل أن تقوم مصر بالتسلح كما هو متوقع.

وقد كان ذلك الأساس للخطة التي أعدت في شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي في تلك الأيام, وحسب تلك الخطة فإن أعضاء شبكة تجسس وتخريب مكونة من شبان يهود ستقوم بالعمل وتنفيذ سلسلة من العمليات في دور السينما, والمؤسسات العامة والمؤسسات الأمريكية والبريطانية في القاهرة والإسكندرية بهدف زعزعة نظام الرئيس المصري جمال عبد الناصر, ومن أجل تشويه سمعة عبد الناصر فينظر الغرب, وعرض نظامه على أنه غير مستقر, وتخريب العلاقات المتطورة بينه وبين الدول الغربية, وقد كان معدو الخطة التي أطلق عليها اسم (سوزانا) يأملون بأن تؤدي موجه العمليات إلى دفع الولايات المتحدة إلى تخفيض علاقتها مع مصر ودفع البريطانيين لعدم إخراج قواتهم من منطقة قناة السويس.

المهمة كلفت بها وحدة رقم (131) التي أقيمت في عام 1948 وأطلق عليها آنذاك اسم (حكار/2) في إطار الدائرة السياسية في وزارة الخارجية, وقد اعتبرت الوحدة الأكثر سرية في الدائرة والتي كان يترأسها (بوريس جورئيل), وكان هدف هذه الوحدة المبادرة للقيام بعمليات تخريبية ودعائية (سوداء)- (حرب نفسية) خلف خطوط العدو.

في عام 1949, قرر رئيس الوزراء وزير الدفاع دافيد بن غوريون نقل وحدة (حكار/2) إلى الدائرة الاستخبارية، وعلى الرغم من معارضة جورئيل ورجاله, الا أن بن غوريون أخذ برأي رئيس الأركان الإسرائيلي يغئآل يادين, ورئيس دائرة الاستخبارات العقيد حاييم هرتسوغ, بأن مهام (حكار/2) ملائمة أكثر لوحدة عسكرية وليس لوحدة مدنية.

وقد تقرر في الاستخبارات العسكرية إدخال تغييرات على هيكل (حكار/2) وإقامة بدلاً منها وحدتين رقمهما 131و132، وكان معظم رجالها من سرية البحرية التابعة للبمالخ والتي منها تطورت وحدة الكوماندو البحرية/13.

مهمة الوحدة (132)كانت القيام بعمليات الحرب النفسية, وعلى سبيل المثال قام عملاء من قبل هذه الوحدة في عام 1952 بنشر مواد دعائية معادية للملكية في شوارع القاهرة, وقال (يهوشفاط (باتي)هركابي), ضابط كبير آنذاك في شعبة الاستخبارات وبعد ذلك رئيسا لشعبة الاستخبارات ومن الذين تبنوا أفري العاد, في بأن إحدى المهام للوحدة كانت نشر صورة (مجمعة فوتوغرافيا) تظهر الملك فاروق في الفراش مع إحدى النساء غير أن المهمة لم توفق.

على رأس الوحدة التي استدعى افري العاد للخدمة فيها كان يقف المقدم (مردخاي موتكا) بن تسور), والذي ابتكر في عام 1951 فكرة إقامة شبكات سرية من العملاء في مصر, وكان من المقرر أن يكونوا أولئك عملاء (نائمين), ويتم استخدامهم وقت الحاجة, والمقصود وقت الحاجة اندلاع الحرب, وكان من المقرر أن تكون المهام عمليات تخريبية في منشآت إستراتيجية, مثل الجسور ومحطات الطاقة ومعسكرات الجيش والطرق, ومن أجل إقامة الشبكة في مصر تم تجنيد الرائد إبرهام دار للوحدة[11].

وفي بداية صيف عام 1951, وصل (دار) إلى مهمته الجديدة في مصر وكان يحمل في جيبه جواز سفر بريطانيا باسم (جون درلنغ) وتنكر بزي رجل أعمال أصله من عدن, وفي عام 1952 جند (دار) في الإسكندرية والقاهرة مجموعة من الشبان اليهود من تلاميذ الحركة (الشبابية الصهيونية) والذين كانوا متحمسين ونموذجيين, ولا يستطيع لا القائد “بن تسور” ولا “دار” تحديد مهمة المجموعة بشكل دقيق وتحدثوا معهم عن العديد من المهام: التجسس وجمع المعلومات, المساعدة في الهجرة غير القانونية لليهود والقيام بعمليات تخريبية.

وفي آب من عام 1951 غادر دار مصر وأبقى خلفه خليتين للشبكة في الإسكندرية والقاهرة, وكان بحوزة كل خلية جهاز راديو, كان من المقرر أن يتم عبره تلقي الأوامر بالعمل من قيادة الوحدة في إسرائيل, وقد كانت الخليتان مستقلتين ولا تعرف أي خلية أعضاء الخلية الأخرى أو حتى وجود خلية أخرى, غير أنه داخل كل خلية كانوا يعرفون بعضهم البعض, وخلال عام 1952 و 1953 تم نقل أعضاء الخليتين إلى فرنسا ومن ثم إلى إسرائيل, وتلقوا في يافا سلسلة من التدريبات على استخدام المعدات والراديو والتجسس وتشخيص السفن, ولم يتم في أية مرحلة التوضيح لهم كيف سيتصرفون إذا ما اكتشفوا وتم اعتقالهم, وبعد عودة أعضاء الشبكة من إسرائيل إلى مصر بعد التدريبات, بدأوا في شراء مواد مختلفة من الصيدليات والتي يمكن منها إعداد عبوات ناسفة, وتم تهريب مواد اخرى لهم من إسرائيل, وبأوامر من تل أبيب أقام أعضاء الشبكة معملاً صغيراً لإعداد العبوات الناسفة.

أجهزة العدو الاستخباراتية وأساليبها

ومقابل بناء الشبكة في مصر تقدمت تدريبات “افري العاد” في إسرائيل, وقد كان يتم ذلك بمساعدة مدربين خصوصيين, حيث تم تدريبه على استخدام جهاز لاسلكي لالتقاط البث المشفر وتحليله, وبث الشيفرات, واستخدام الحبر السري لكتابة الرسائل, كذلك تم تدريب العاد على تصفير الصور والقيام بعمليات تخريبية والقيام بعمليات المراقبة, وبعد ذلك بدأن التحضيرات لإرساله إلى بلاد أخرى هي ألمانيا, حيث كان من المقرر أن يوطد هناك الهوية الجديدة التي سيتقمصها تمهيدا لدسه في أرض الهدف وهي مصر.

وقد قام مستخدموه في الوحدة (131) بتسليم “افري العاد” شهادة ولادة يهودي ألماني يدعى (باول فرانك) والذي كان قد توفي قبل عدة سنوات من ذلك, وبمساعدة هذه الهوية الجديدة كان على أفري العاد بناء قصة تغطية مقنعة, وخلق حياة جديدة له, وغادر إلى ألمانيا وأقام في غرفة صغيرة في فرانكفورت وكي يصبح ألمانيا كاملاُ, اتجه بمبادرة منه إلى المستشفى وأجرى عملية تجميلية جراحية لإعادة جلدة عضوه التناسلي وإخفاء أي أثر للختان, ولم تكن حياته سهلة, حيث كانت تعاني ألمانيا من ضائقة اقتصادية بعد الحرب وكان راتبه والنفقات التي يحصل عليها من شعبة الاستخبارات قليلة نسبياً (230) دولارا شهرياً نصفها كان يبقيها لعائلته التي تركها في إسرائيل.

في آيار من عام 1954, تلقى باول فرانك أوامر بالقدوم فورا من القاهرة إلى باريس, وهناك بترايخ 26 أيار التقى مع قائده مردخاي بن تسور في مقهى في الحي اللاتيني, وتلقى منه أوامر مفصلة, حيث طلب منه الاتصال مع أعضاء الشبكة في الإسكندرية وتسلم قيادتهم وتجهيزهم للعمل, وقيل لهم أن هدف العملية سيكون القيام بعمليات تخريبية في أماكن عامة في مصر والمس بمنشآن أمريكية وبريطانية من أجل تشويش العلاقات بين هاتين الدولتين ومصر, وعلى أمل أن تؤدي هذه العمليات إلى تأجيل الإخلاء المتوقع للجنود البريطانيين من قواعدهم في قناة السويس, وعاد بأول فرانك إلى مصر في بداية حزيران, خلال أيام عدة استطلاع الاتصال مع أعضاء الشبكة, وقد عرفوه باسم (روبرت).

وقبل ذلك ثار في إسرائيل جدل في القيادة الأمنية والإستخبارية فيما يتعلق بأهداف الوحدة (131) وهو جدل ازداد وتعاظم.

رئيسا الأركان “مردخاي مكلاف” و“يغئال يادين” اعتقدا في فترتيهما أن وحدة (131) ضرورية جداً للجيش الإسرائيلي, في حين أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي موشيه ديان اعتقد أن وجود الوحدة هو إهدار زائد للطاقة البشرية والموارد المالية وأنه من الأفضل أن ترتكز الاستخبارات العسكرية على جمع المعلومات عن القدرات العسكرية للدول العربية.

جدل آخر, كانت دوافعه صراع قوى وسيطرة في الحلبة الاستخبارية, دار بين “بنيامين جيبلي” و“ايسر هرئيل” رئيس (الموساد) الذي خلف في أيلول من عام1952 “راوبن”, حيث رأى “هرئيل” أن جميع النشاطات والعمليات التي تدور خارج حدود الدولة, ومن ضمن ذلك وحدات 131و132, يجب أن تكون مركزة بأيدي (الموساد), وبسبب هذه الخلافات تدهور التنسيق بين (الموساد) والاستخبارات العسكرية, كذلك حدث شديد داخل الاستخبارات العسكرية نفسها, حيث اعتقد “يهوشفاط هركابي” “نائب جبلي” خلافاً لقائده, أن عملاء وحدة 131 يجب أن يعملوا فقط وقت الضائقة الحقيقية أي في وقت الحرب, وأن يكون واجبهم عند ذلك تخريب المنشآت الاسترتيجية وتعويض اسرائيل عن عدم وجود قدرة جوية للمس بتلك الأهداف, وفي الوقت الذي كان الجدل محتدما في إسرائيل استمرت استعدادات باول فرانك في مصر بزخم تام, وقد كان يحصل على التعليمات من خلال بث راديو إسرائيل بشكل مشفر في إطار البرنامج اليومي لربة المنزل,فعلى سبيل المثال أوامر إعداد كعكة إنجليزية كان يعني أوامر بتفجير المكتبة التابعة للمركز الثقافي والإعلامي الأمريكي.

في الثاني من تموز من عام 1954, وضع أعضاء الشبكة عبوات صغيرة في ثلاثة صناديق بريد في مكتب البريد المركزي في الإسكندرية, وقد انفجرت العبوات وأدت إلى وقوع أضرار خفيفة جداً, ولم تنشر الصحف المصرية عن هذا الموضوع, ولم ترد السلطة أيضاً, وبعد مرور أيام عدة سمع العاد الراديو أوامر غعداد الكعكة الإنجليزية, وفي الرابع عشر من تموز انفجرت عبوتان ناسفتان في مكتبة المركز الثقافي الأمريكي في القاهرة وفي الإسكندرية, وفي هذه المرة كان رد فعل السلطات المصرية حادا جداً, وقد دارت الشكوك حول الشيوعيين وأعضاء الأخوان المسلمين, الأمر الذي دفع السلطات المصرية إلى البدء بحملة اعتقالات واسعة بين الشيوعيين والإخوان المسلمين, بالمقابل تم تعزيز الحراسة على المنشآت الحكومية والأماكن العامة, وقد كان التخطيط للعملية القادمة في ذكرى الثورة المصرية في الثالث والعشرين من تموز, وذلك في ذكرى مرور عامين على عزل الملك وإقامة الجمهورية, وقد كانت الأهداف التي وقع عليها الاختيار, محطة القطار في القاهرة, مسرح ريفولي في القاهرة أيضاً, ودور السينما (مترو ورياو) في الإسكندرية.

الشخص الذي كلف بتفجير سينما (رياو) كان “فيليب نتنزون” غير أن العبوة التي كان يحملها في جيب بنطلونه اشتعلت بالخطأ وهو يقف في الدور للدخول إلى السينما, شرطي متنبه كان يقف بالقرب من المكان شاهد الدخان يتصاعد من بنطلون الشاب, وقد قام الشرطي وعدد من المارة بمساعدة “نتنزون” على إخماد الحريق, وبعد ذلك اعتقلوه, وبعد مرور يوم واحد اعتقل باقي أعضاء شبكة الإسكندرية وبعد ذلك تم اعتقال أعضاء خلية القاهرة.

في تموز من عام 1954, وبعد اعتقال أعضاء الشبكة في مصر, أمر رئيس الأركان “موشيه ديان” بعزل “مردخاي بن تسور” من قيادة وحدة (131) وعين بدلاً منه المقدم “يوسى هرئيل”-“همبورغر”.

خلال عملية تنظيم الوحدة من جديد اكتشف هرئيل أن بن تسور وجيبلي وضباط آخرين ومنهم أفري العاد كانوا متورطين في عملية احتيال وتزوير وثائق وتقديم شهادات كاذبة للجنة التي حققت في القضية, وقد شكلت اللجنة برئاسة رئيس الأركان السابق “يعقوب دوري” ورئيس محكمة العدل العليا يتسحاق أولشن غير أنها وجدت صعوبة في الوصول إلى الحقيقة, وقد ذهب هرئيل إلى وزيرالدفاع نابون الذي كان المتضرر الرئيسي من عمليات التزوير, كذلك ذهب على بن غوريون في (سديه بوكر) وأبلغهما بالأشياء التي حصلت, وبفضل عمله ذلك والذي أظهر فيها شجاعة كبيرة في أجواء عامة مليئة بالخوف والغش حظي هرئيل بعد سنوات بلقب (البطل).

في الحادي عشر من أيلول من عام 1954 بدأن محاكمة أعضاء شبكة التجسس في محكمة عسكرية في القاهرة, وقد حكم على اثنين منهم, شموئيل عازر والدكتور موشيه مرزوق بالإعدام, ونفذ حكم الإعدام فعلاً في 31 كانون ثاني من عام 1955 شنقاً, في حين حكم على الباقين بفترات سجن مختلفة, وكان من بين المعتقلين أيضاً (مائير (ماكس)بنت) رائد في شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي, والذي عمل كعميل استخبارات في طهران وبغداد, وانضم عام 1951 إلى وحدة (31).

“لافون”, الذي أدرك بأنه لم يعد يحظى بثقة معظم الوزراء, استقال من منصبه أيضاً على أساس ميله للمصادقة للجيش الإسرائيلي على القيام بعملية انتقامية, احياناً بدون معرفة رئيس الوزراء موشيه شريت, وبدون الحصول على موافقته, وقد عاد بدلاً منه على وزارة الدفاع دافيد بن غوريون, كذلك اضطر رئيس شعبة الاستخبارات “بنيامين جيبلي” للاستقالة من منصبه وحل مكانه نائبه يهوشفاط هركبي“, وقد حاول”لبون“و”جيبلي” أن ينقذا نفسيهما من المسؤولية عن القضية وحمل كل واحد منهما الآخر المسؤولية عن قرار تشغيل الشبكة في مصر, وبسبب الدعم والتغجطية التي منحها العاد للمسؤولين عنه, رد له جيبلي الجميل وقبل أن يضكر للاستقالة من منصبه أرسله مرة أخرى إلى ألمانيا بنفس هوية باول فرانك, وكان الإدعاء أن جيبلي أراد إبعاد العاد عن إسرائيل ومنعه من تقديم شهادات.

الرصد السلكي:

شكل رصد المكالمات الهاتفية التي تجريها دول المواجهة مع إسرائيل معضلة تمثلت في ضرورة تجاوز الحدود لتركيب جهاز خاص بخطوط التلفون أو التلغراف البارزة أو المحدودة وتحت الأرض في المنطقة العسكرية لتلك الدول, كما أن صيانة جهاز الرصد تطلب اجتياز الحدود أكثر من مرة لإجراء فحوصات واستبدال البطاريات.

يقول رئيس شعبة الاستخبارية السابق بنيامين جبلي أن وزير الدفاع آنذاك بنحاس لافون قد اجتمع عدة مرات مع رئيس الأركان موشيه ديان ومعه لبحث استخدم جهاز الرصد, والقيود التي تعترض استخدامه وتقرر في هذا الاجتماع السماح باستخدامه في الجبهة السورية [12]خلال عام 1954.

أعد الجهاز المذكور لرابطة بخط تلفون عال تم مده بين مواقع سورية في هضبة الجولان, وكانت الضرورة تدعو إلى ربط أحد أطراف الكيبل سلك التلفون المثبت رأس العامود وطرفه الآخر في الطرف الأسفل للجهاز المخبأ في باطن الأرض, وقامت مجموعة من الاستخبارات العسكرية مكونة من خمسة أشخاص بهذه المهمة خلال الليل أكثر من مرة.

التأكد من صلاحية عمل الجهاز تطلب وسط الليل حيث الهدوء وقيام معظم الجنود السوريين اقاظهم حتى تعمل خطوط الهاتف, ما تطلب أن يطلق بعض أفراد المجموعة النيران الخفيفة والقنابل على الموقع السوري ثم ينسحب فيما يقوم بقية أعضاء المجموعة التي تنفطر قرب جهاز الرصد بالانتظار والترصد على المكالمات الهاتفية والتيقن من عمل الجهاز.

ساد تخوف من امكانية اكتشاف مجموعة الاستخبارات من قبل الجنود السوريين وهو ما حدث في ليلية 8 كانون أول عام 1954, وعندما أصبحوا بالقرب من أحد المواقع السورية أطلقت النيران عليهم وقامت وحدة سورية بتطويقهم ووقعوا في الأسر.

خلال التحقيق مع المجموعة اعترف بهدف عمليتهم داخل الأراضي السورية بالتجسس على الجيش السوري وانتحر أحدهم فيما تم استبدال أعضاء المجموعة الأربع الآخرين بـ140 أسير سوري في آذار 1956. فقية أعضاء المجموعة التي اء المجموعة التي هاتف, ما تطلب أن يطلق بعض أفراد المجموعة النيران الخفيفة والقنابل على الموقع ال

حاول احد أعضاء المجموعة تفجير جهاز الرصد الذي تم تركيبه بعد اكتشاف أمرهم إلا أن الجهاز الملغوم لم ينفجر بسبب الرطوبة.

أثارت تلك القضية جدالاً واسعاً واتهامات متبادلة بين أطراف مختلفة في الساحة الإسرائيلية, وتساؤلاً حول جدوى إرسال مجموعة الاستخبارات والمخاطرة باكتشاف أمرهم.

دائرة الأبحاث والتقدير الاستخباري:

كلما مر الوقت منذ نهاية الحرب كلما فقد رجال الاستخبارات المقاتلة هيبتهم وعظمتهم، ففي دائرة الاستخبارات في رمات جان اكتشف رجال “المقعد المصري” انه باستثناء المعلومات الواردة من وسائل الإعلام فإنهم لا يعرفون شيئا عما يجري في مصر.

أتجه جبلي إلى إصلاح جهاز جمع المعلومات في سلاح الاستخبارات وكان هدفه الفوري من وراء ذلك هو البحث عن مصادر معلومات جديدة والحصول بقدر الإمكان على معلومات عن استعدادات العدو ونشاطاته في الجبهات المختلفة وقام بعدة نشاطات أهمها:

أ-تطوير وإحداث تقدم سريع في مجال الرصد (مود 2)، الذي برهن عن نفسه في الحرب، وإقامة قواعد لهذه الوحدة التي اتسعت بعد اتفاقيات الهدنة بصورة كبيرة، في مجال المخصصات المالية والطاقة البشرية في أماكن مختلفة في إسرائيل لتحسين نوعية الرصد، كما شكلت عند الحاجة مجموعات رصد تعبوية أرسلت إلى قواعد أمامية.

ب-تشغيل وحدة 131 وتدفق دماء جديدة في عروقها على الرغم من أن الوحدة أقيمت منذ البداية للعمل في أوقات الطوارئ فقط والقيام بالمهام الخاصة جدا.

ج- توسيع وتحديث قسم الاستخبارات في سلاح الجو الذي كان مهتما فقط في حل الصور الجوية, وبمقابل إيقاف جهاز جمع المعلومات على أقدامه استمر بناء جهاز الوقاية في سلاح الاستخبارات الذي كانت مهمته الرئيسة ضمان أمن وسرية مصادر الجمع الجديدة, ومن جهة أخرى منع تسرب المعلومات حول تنظيم الجيش الإسرائيلي إلى العدو, ومن هذه الناحية فقد تم التركيز على تشغيل جهاز المراقبة العسكرية بصورة جيدة من جهة وقسم أمن الميدان من جهة أخرى.

كان تشغيل الوحدة 131 وإقامة قواعد الرصد بمثابة سكب الزيت على شعلة العلاقات المتوترة بين دائرة الاستخبارات برئاسة بنيامين جبلي وبين الموساد برئاسة ايسر هرئيل, فقد اعترض هرئيل دون جدوى على “غزو” الاستخبارات العسكرية لمجال تشغيل العملاء في الخارج كما احتج على استخدام الوحدة 131 بدون تنسيق مع الموساد, ولكن محاولة تحديد وتقليص مجال نشاطات الاستخبارات العسكرية فشلت, كما أن حقيقة سيطرة الاستخبارات العسكرية على مجال البحث السياسي وتحملها لمسئولية تقييم الاستخبارات الوطنية اكسبها القدرة الكافية لمنع كل محاولة لوضع حدود لنشاطاتها.

أطاحت قضية مجموعة الاستخبارات في الجولان برئيس شعبة الاستخبارات بنيامين جبلي فعين رئيس الأركان في شهر أيار 1955 يهوشفاط هركابي رئيساً جديداً لها وكلفه بتحري جذور وذيول ما أسماه الفضيحة داخل الاستخبارات العسكرية التي أدت إلى تضرر هيبتها, وطالبه بطرد أصدقاء جبلي من الشعبة لكن هركافي رفض التحقيق معهم, ورد ذلك إلى العمليات الانتقامية والانشغال بها, وهدد إذا لم يقف من مهمة التحقيق سيستقيل, فتم إعفاءه من هذه المهمة.

كانت أول مفاجأة لهركابي في إعلان الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 27/9/1955 عن توقيع مصر على صفقة سلاح مع تشيوسلوفاكيا الأمر الذي رأت فيه إسرائيل تحضيراً لهجوم مصر عليها, وكانت الصفقة بمثابة مفاجأة تامة لشعبة الاستخبارات العسكرية ووجهت اتهامات للموساد أيضاُ بالفشل.

جرى في ذلك الوقت جدل قبل الصفقة حول الفترة الزمنية التي يحتاجها المصريون للانتقال من السلاح الغربي إلى السلاح السوفيتي ومن دبابات تشيرمان الى دبابات تي34, ولم تكن الاستخبارات تملك أية معلومات عن ذلك وبعد الصفقة التشكيلية تم تطوير دائرة البحث في الاستخبارات في مجالين:

كرس هركابي جزء من عمله لتطوير نظرية الاستخبارات, معتبراً أن احدى وظائف رئيس شعبة الاستخبارات يجب أن تكون تقييم قائد السفينة أي تزويد رئيس الحكومة بتقييم استخباري قومي يتضمن معلومات عرفت باسم “التقدير القومي الاستخباري” ومن هنا انتهج إرسال مذكرة استخبارية يومية كان يكتبها بنفسه إلى دافيد بن غوريون.

في تموز 1985 وقع انقلاب في العراق وضع نهاية للعهد الملكي, وخلفاً لنوري السعيد كولي رئاسة العراق عبد الكريم قاسم خلافاُ لاعتقاد الاستخبارات العسكرية بأن عبد الرحمن عارف هو الذي سيتسلم زمام الحكم, وارجع هركابي أمام بن غوريون خطأ تقييم الاستخبارات إلى عدم وجود مصادرة كافية[13].

اكتسبت مسألة التقدير القومي أهمية متزايدة مع مرور الوقت وشكلت أساساً لرصد وتحديد المخاطر المستقبلية التي تهدد دولة إسرائيل والتغيرات الأمنية والسياسية المحتملة إقليميا ودولياً, وأضحى خلال العقود الماضية صدور تقرير نصف سنوية من شعبة الاستخبارات العسكرية وآخر سنوي يصور نهاية كل تعام تقليداً معروفاً تضعه دائرة الأبحاث في الشعبة.

تعتبر هذه التقارير ذات بعد سياسي على الصعيد الإسرائيلي فهي تلعب دوراً في تحديد مواقف القيادة الإسرائيلية وعلى سبيل المثال لعبت تقارير رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات في مطلع العقد الحالي العميد عاموس جلعاد دوراً أساسياً في بلورة السياسة التي اتبعها اهود باراك ومن بعده ارئيل شارون تجاه الرئيس الراحل ياسر عرفات واعتباره غير شريك وشن حملة كبيرة ضده انتهت بفرض الحصار عليه ثم اغتياله مسموماً.

التقدير لاستخباري التي تبلور نهاية عام 2004 حول آفاق عام 2005 تطرق إليه المحلل العسكري زئيف شيف[14] وقد أشار إلى أن “العام 2005” سيكون سنة تغييرات جوهرية مع مع نهاية عهد ياسر عرفات وصعود قيادة جديدة. تغيير جوهري آخر هو قرار الحكومة والكنيست تبني خطة فك الارتباط لاريئيل شارون وتأثير الامر على المواجهة وعلى (الارهاب) الفلسطيني. تغيير ثالث يرتبط بالتقدير الذي تبلور بقوة أكبر، في أنه في العام 2005 ستصل ايران الى الاستقلالية في انتاج المواد المشعة استعدادا لنيل السلاح النووي. تغيير آخر يتناول سوريا، التي توجد تحت ضغط مجلس الامن من أجل استكمال اخراج جيشها من لبنان”.

واستنتج شيف في ضوء هذا التقدير أنه “لا ينبغي التجاهل للجوانب الايجابية المحتملة في التغيير. فمثلا، لا يوجد تحالف حربي ضد اسرائيل، وانه لا يوجد اليوم اي فرصة لاقامة”جبهة شرقية“ضدها. والدول الخطيرة التي تعنى باسلحة الدمار الشامل توجد في حالة دفاع. ارهاب الجهاد العالمي لم يتوقف، ولكن بالمقابل صد بقدر كبير”الارهاب الوطني“الموجه ضد اسرائيل. كما يمكن الاستنتاج بان الوجود الجمعي العربي قد ضعف. ولا غرو بالتالي في أن التقدير الاستخباري المتجدد توصل الى الاستنتاج بان مجال المناورة لإسرائيل قد اتسع. فكيف ستتصرف إسرائيل في مجال المناورة هذا، هو سؤال لا يرتبط برجال الاستخبارات بل بالقيادة السياسية”. الملكي, وخلفاً وخلفاً لعهد الملكي, وخلفاً وخلفاً ارية يومية كان يثبتها بنفسه إلى

الصورة التي عرضها شيف اختلفت في التقدير الاستخباري لـ“أمان” لعام التقدير الاستخباري للعام 2007 كما عرضه رئيسها العميد عاموس يدلين امام جلسة الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 25/2/2007 حيث قال“المحيط الاستراتيجي لدولة إسرائيل اقل استقرارا مما كان. توجد فيه سياقات سلبية وتوجد فيه فرص أكبر مما كانت في العام الماضي. المعسكر المتطرف – إيران، سوريا وحزب الله – يتعزز. هذا المعسكر يعتقد أنه وجد الإستراتيجية للتصدي لإسرائيل: إرهاب وتصدي عسكري. العناصر البرغماتية في الشرق الأوسط تضعف. التهديدات العسكرية لإسرائيل متنوعة – من جانب هناك الإرهاب ومن جانب آخر صواريخ أرض – أرض وأسلحة غير تقليدية”[15].

الاستخبارات العسكرية ضد المقاومة:

تميز النصف الأول من خمسينات القرن الماضي بعمليات الفدائيين ضد أهداف إسرائيلية والتي شكلت تهديداً ملموساً لاستقرار وأمن دولة إسرائيل، وفي ردها على تلك العمليات اتبعت إسرائيل ما يسمى بعمليات الانتقام ضد أهداف مختلفة في المدن والقرى والمخيمات في الوطن والشتات، وكان أشهرها الهجوم على قرية قبية لعملية 14-15 تشرين أول 1953، وتبنى رئيس الأركان آنذاك موشيه ديان مهاجمة أهداف مدنية أسماها بالأماكن العسكرية التي يخرج منها منفذو العمليات وهي أهداف مؤمنة وافترض ديان أن[16]:

1. الدول العربية تتحمل مسؤولية العمليات التي ينطلق منفذوها منها ويعودون إليها.

2. نتيجة للعمليات الانتقامية ستظهر الجيوش العربية لمحاربة المتسليين لوضع ضد التدهور الأمني.

توافقت الاستخبارات مع هذين الافتراضين ولم تحاول اختبار مدى حكمها طوال فترة العمليات الانتقامية، ورأت الاستخبارات أن هناك تحولاً طرأ على موقف المصريين من عمليات الفدائيين المتسللين فبعد أن بذلت جهدا لكبح جماحهم انتقلت الى تشجيع العلميات ضد إسرائيل بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة في 28/2/1955 الذي أدى إلى مقتل 38 ضابط وجندي مصري إذ قام المصريون بعد وفق مقيد بتشكيل كتيبة الفدائيين.

وقع خلاف بين رئيس شعبة الاستخبارات يهوشقاط هركابي ورئيس الأركان موشيه ديان فالأول رأي ان هناك تحولاً في السياسة المصرية والآخر قال أن هذا سيكون تحولاً فقط إذا سمحنا بذلك وعندما عرض الأمر على بن غوريون للحسم قال أن هركابي على حق فالمصريون أجروا تحولاً في سياساتهم فعلاً، لكن الاستخبارات لم تعترض على جوهر سياسة عمليات الانتقام فدورها في البداية كان ضعيفاً وتركز على التعرف على الجوانب المختلفة لكي من خلال دائرة الأبحاث ومدى ازدياد أو انخفاض عمليات الفدائيين[17].

الدور الاستخباري الرئيسي في نجاح عمليات الانتقام كان للاستخبارات المقاتلة أو الأجهزة الميدانية، فمن خلال ضباط الاستخبارات في المناطق الوسطى والجنوبية والشمالية تم تزويد القوات التي فقدت الدوريات الانتقامية بالمعلومات المطلوبة بصورة دقيقة.

الصورة الاستخبارية كانت ملفات القرى أو الأهداف المحتملة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وشملت معلومات عن كل قرية أردنية تقريباً، بشكل ملف احتوى على صور جوية للهدف وصور أرضية وتقارير مراقبات، وتم الحصول على المعلومات عن طريق عمليات استطلاع جوي بالإضافة إلى الصور التي كانت تلتقط بواسطة طائرات القايبر.

لم تؤد عمليات الانتقام التي تقوم بها إسرائيل إلى وقف نشاطات المقاومة العربية والفلسطينية، حيث أصبحت روتيناً فبعد كل عملية للمقاومة فإن توقع هجوم إسرائيلي بات أمراً مألوفا، وقد درس المقاومون أساليب عمل المظليين الإسرائيليين واتخذوا إجراءات مضادة والتي أدت إلى إنشاء الهجوم على مركز شرطة قلقيلية ليلية 10-11 تشرين أول 1956 حيث تم صد الهجوم وأوقعت خسائر فادحة بين أفراد الوحدة الإسرائيلية، ورغم ذلك ذهبت التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية إلى ان هذه العمليات ساهمت مساهمة هامة في زيادة هيبة الجيش الإسرائيلي عام وتحديث طرقه الحربية وكسب تجارب قتالية وأحداث تحسين كبير على جهاز الاستخبارات المقاتلة والدمج الناجح بين جميع مناصر جمع المعلومات على المستوى المدني[18].

الاستخبارات العسكرية تغتال مصطفي حافظ وقادة فتح في بيروت:

حملت إسرائيل الرائد مصطفي حافظ الذي تولى منصب قائد الاستخبارات المصرية في قطاع غزة المسؤولية عن عمليات المقاومة والتي بلغت ذروتها في سلسلة من الهجمات العنيفة لمجموعات الفدائيين ضد المستوطنات الإسرائيلية في النقب في نيسان 1956.

محمد سليمان طلالقة كان أحد العملاء الذين عملوا مع حافظ وكلفه بالاتصال مع رجال الاستخبارات الإسرائيلية وعرض العمل عليهم كجاسوس في وقت كان يبلغ كل شيء للمسئول عنه، واكتشفت الاستخبارات صلة طلالقة بحافظ لاغتياله عبر تكليفه بنقل معلومات سرية لعميل إسرائيلي عمل في شرطة غزة باسمه ملازم لطفي مكاوي وذلك عبر كتاب الإحصاء والإنسان لمؤلفه العقيد مارشال روندشتات وهو لم يكن عميلاً كما أكدت التحقيقات المصرية بعد ذلك، فقد اعتقدت الاستخبارات الإسرائيلية أن طلالقة سيقوم بتسليم الكتاب إلى الرائد مصطفى حافظ وقد لغم الكتاب وهو ما حدث فما أن استلم الكتاب حتى سيطر الفضول على حافظ وقام بنزع غلاف الكتاب ينفجر ما أدى إلى إصابة حافظ ونائبة عمرو الحديدي وطلالقة فنقل الثلاثة إلى المستشفى فتوفي حافظ بعد ساعات من الإصابة، وشفي الحديدي وطلالقة[19] .

ينسب للاستخبارات العسكرية العديد من عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات سياسية وعسكرية للانتفاضة ومنها اغتيال القادة الثلاثة لحركة فتح الشهداء ابو يوسف النجار ، كمال عدوان ، كمال ناصر بمهاجمة منازلهم في شارع فردان بييروت في 10/4/1974 وقد اشارت مصادر إسرائيلية عديدة الى ان اهود باراك الذي ترأس الوحدة الخاصة التابعة لرئاسة الأركان في ذلك الوقت قد شارك في العملية وتخفى بملابس امرأة.

اغتالت الاستخبارات العسكرية ايضا في عملية معقدة الشهيد ابو جهاد خليل الوزير في 16/4/1988 وقد اشرف على العملية نائب الاركان في ذلك الوقت اهود باراك كما شارك في تنفيذها موشيه يعلون الذي كان عضوا في الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الاركان.

في احد العمليات في ملاحقة من اتهمتهم بتنفيذ عملية ميونيخ فشلت الاستخبارات العسكرية في اغتيال احمد سلامة وقام أعضاءها بقتل نادلا مغربيا اسمه احمد بوشيخي في حانية بمنطقة ليلهامر بالنرويج في 26/7/1974 وقد القت الشرطة النرويجية القبض على مجموعة الاستخبارات المكونة من خمسة اشخاص واتضح ان المجموعة كانت تعمل بتوجيه مابشر من السفارة الإسرائيلية في اوسلو من خلال ضابط امن السفارة[20].

“الوحدة 8200” ذراع التجسس الإلكتروني في شعبة الاستخبارات[21]:

تعتمد الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على مصدرين اساسيين لجمع المعلومات الاستخبارية اللازمة لحربها ضد حركات المقاومة الفلسطينة، وهما المصادر البشرية، القائمة على تجنيد العملاء، سواء كانوا عملاء غير مرتبطين بتنظيمات محددة، أو عملاء تستطيع زرعهم داخل هذه التنظيمات.

والمصادر الالكترونية، والقائمة على الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التقنيات المتقدمة “الهايتكنلوجي”. وكما أن هناك اقسام داخل المؤسسات الاستخبارية الاساسية في الدولة العبرية تعنى بشكل خاص بتجنيد العملاء، فان هناك اقساماً تعنى بالتجسس الالكتروني.

لكن في كل ما يتعلق بالتجسس الالكتروني فانه من بين الاجهزة الاستخبارية الإسرائيلية الثلاث وهي جهاز المخابرات الداخلية “الشاباك”، وشعبة الاستخبارات العسكرية “امان”، وجهاز “الموساد”، يبرز جهاز “أمان”، بالدور الاساسي والحاسم في كل ما يتعلق بهذا المجال من عمليات التجسس الالكتروني.

ومنذ ثلاثة عقود دشن جهاز “أمان”، الذي يعتبر أكبر الاجهزة الاستخبارية الإسرائيلية ، قسما متخصصا في مجال التجسس الالكتروني، أطلق عليه “الوحدة 8200”، وقد اعترف الجنرال المتقاعد اوري ساغيه، الرئيس السابق لجهاز “امان” بوجود مثل هذه الوحدة، التي اعتبرها من أهم الوحدات الاستخبارية في الدولة العبرية، كما قال الجنرال اوري ساغيه أن اهداف “الوحدة 8200” هو المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء.

وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من صور العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتصنت، والتصوير، والتشويش. ويتطلب هذا النوع من المهام مجالا واسعا من وسائل التقنية المتقدمة.

يشار الى ان مجمع الصناعات العسكرية الإسرائيلية الذي تملكه الحكومة يقوم خصيصا بتطوير اجهزة الكترونية بناء على طلبات خاصة من القائمين على “وحدة 8200”، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد.

هناك مهام روتينية تقوم بها “وحدة 8200”، ومع الزمن اصبح هذا النوع من المهام لا يتطلب قدرا خاصا من التطوير بسبب عدم قدرة المجتمع الفلسطيني على مواجهة هذه التقنيات للبون الواسع في مجال التقدم التقني في هذا المجال.

ومن هذه المهام: أولاً : التنصت والرصد:

يعتبر التنصت على اجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية من المهام الاساسية للوحدة “8200”، فالهواتف الارضية والنقالة، واجهزة اللاسلكي يتم التنصت عليها بشكل دائم. والذي يساعد الوحدة على اداء مهمتها بشكل تام، هو حقيقة ان السلطات هي التي اقامت شبكة الاتصالات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي بالتالي لا تحتاج الى عمليات التقاط للمكالمات، بل ان المقاسم الرئيسية لشبكة الاتصالات الفلسطينية مرتبطة بشكل تلقائي بشبكة الاتصالات الصهيونية “بيزيك”. الى جانب ذلك فان شبكة الهاتف النقال الفلسطيني الوحيدة العاملة في الاراضي الفلسطينية والمعروفة ب “جوال”، تعتمد على اسرائيل في الكثير من خدماتها، فضلا عن توقيعها على اتفاق مع شبكة “اورانج”، الاسرائيلية للاتصالات، الامر الذي يجعل الوحدة “8200”، لا تحتاج الى كثير من الجهود من اجل رصد المكالمات الهاتفية.

اما بالنسبة لاجهزة الاتصالات للاسلكي الأخرى المستخدمة في الاراضي الفلسطينية، سيما اجهزة“ميريتس”، فهي اجهزة اسرائيلية خالصة، الى جانب اعتماد الاف الفلسطينيين على شركات الهواتف النقالة الاسرائيلية، مثل سيلكوم وبيلفون، وغيرها من الشركات.

الفئات التي يتم التنصت عليها:

1- قادة وعناصر المقاومة:

من اجل رصد تحركات عناصر المقاومة من التنظيمات المختلفة، تعطي الوحدة “8200” اولوية قصوى للتنصت على هواتف عناصر المقاومة. بحيث تستخدم المادة التي يتم التنصت عليها في بناء ملف امني للذين يتم رصد مكالماتهم، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يتم استخدام رصد هذه المكالمات في احباط عمليات تخطط لها حركات المقاومة.

فضلا عن استخدام محتوى هذه المكالمات في تحديد الاجراء المتخذ ضد عناصر المقاومة، ان كان اغتيالا او اعتقالا. وكما دلت التجربة فان رصد المكالمات من قبل الوحدة يساعد محققي المخابرات الإسرائيلية مع عناصر المقاومة لدى اعتقالهم، وتقديم الادلة ضدهم.

وهنا يتوجب الاشارة الى نقطة بالغة الاهمية، وهي انه عندما يتم اعتقال اي من عناصر المقاومة فان جنود الاحتلال يحرصون على الاستيلاء على هاتفه النقال. وبتقنية معروفة لدى خبراء التقنية العاملين لدى “الوحدة 8200” يتم الحصول على محتوى جميع المكالمات التي اجراها صاحب الهاتف النقال، او تلقاها في غضون شهر كامل. وقد شهد عدد من المعتقلين ان محتوى مكالماتهم قام محققو المخابرات بعرضه عليهم اثناء التحقيق من اجل اجبارهم على الاعتراف.

2- قادة السلطة ومسئوليها:

تبدي المخابرات الاسرائيلية اهتماما بالغا بمعرفة ما يدور في اروقة السلطة، من اجل مساعدة الحكومة على اتخاذ القرارات المناسبة في كل ما يتعلق بالعلاقة مع السلطة. وقد نقلت الصحف العبرية عن مصدر امني قوله ان “الوحدة 8200” ، بناء على تعليمات من قيادة جهاز “امان” لا تستثني ايا من قادة والسلطة ومسئولي وموظفي أجهزتها الأمنية من عمليات التنصت المنهجية.

وقد كشفت القناة الثانية[22] في التلفزيون الإسرائيلي النقاب عن ان شارون نجح في اقناع الرئيس بوش في التحول ضد عرفات بهذا الشكل الجارف عندما عرض شارون على مسامع بوش محادثات لعرفات يطلب فيها من مقاومين في حركة فتح مواصلة العمل المسلح ضد السلطات في مطلع انتفاضة الاقصى، وقد تم عرض محتوى هذه المكالمات على الكثير من المسؤولين في اوروبا وبعض الدول العربية التي ظلت على علاقة مع السلطات الصهيونية من باب ايجاب المعاذير للصهاينة في سياستهم الحالية ضد الفلسطينيين.

3- شرائح مختلفة من الشعب: المخابرات الاسرائيلية معنية بمعرفة توجهات الراي العام الفلسطيني، من هنا تقوم “الوحدة 8200” بالتنصت على هواتف الكثير من الناس من اجل معرفة توجهات الراي العام، لكن تبدي اهتماما بالتنصت على مكالمات الصحافيين والعاملين في المجال الانساني والاهلي.

ثانيا : التصوير : دلت تجربة انتفاضة الاقصى على ان التصوير هو احد اهم مركبات التجسس الالكتروني للدولة العبرية. وتستخدم “وحدة 8200”، تقنيات مختلفة في عمليات التصوير التي باتت امرا ضروريا في رصد تحركات المقاومة الفلسطينية، الى جانب مساهمة عمليات التصوير في تحسين اداء قوات الاحتلال في المواجهات مع المقاومة. ويتم ربط هذه الكاميرات بهيئات القيادة في وزارة الدفاع وهيئة اركان الجيش، حيث اطلاع قادة اذرع الجيش المسؤولين من قبل الجيش على الاوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتتم عمليات التصوير بعدة تقنيات، اشهرها تقنيتين بارزتين، وهما:

1- تركيب كاميرات رقمية كبيرة وعلى قمم الجبال المحيطة بالمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، ويتم نصبها على ابراج خاصة امام المدن في قطاع غزة، ويشرف على تشغيل هذه الكاميرات منتسبو “الوحدة 8200”، حيث يتم توجيه الكاميرات الى المناطق التي ترغب المخابرات والجيش الاسرائيلي تحركات المقاومين الفلسطينيين فيها.

وتعتبر عملية التصوير في كثير من الاحيان حلقة في سلسلة العمليات اللازمة في تنفيذ عمليات الاغتيال. وقد كشف الصحافي الصهيوني البارز بن كاسبيت أن هذه الوحدة “8200”، تقوم بتركيز هذه الكاميرات على منازل ومكاتب المطلوبين، وبالذات على قادة حركة حماس في اعقاب تنفيذ عملية “اسدود”، الاستشهادية، والتي قررت السلطات على اثرها تصفية قيادة حركة حماس.

واضاف كاسبيت ان هذه الكاميرات نقلت صور قادة حماس اثناء تحركهم اثناء في منازلهم وفي شوارع المدن الفلسطينية المختلفة. في نفس الوقت تقوم “الوحدة 8200”، بتركيب كاميرات لمراقبة ما يجري في محيط المستوطنات اليهودية، او على طول الخط الفاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية من جهة ودولة الاحتلال.

2- استخدام الطائرات بدون طيار: ويتم استغلال هذه التقنية بالتعاون بين “وحدة 8200”، وسلاح الجو الاسرائيلي. الجنرال دان حلوتس، نائب رئيس هيئة الاركان، و قائد سلاح الجو الاسبق اشار الى انه في جميع عمليات الاغتيال التي تمت في الضفة الغربية وقطاع غزة فانه قد تم استخدام هذه الطائرة التي تنتجها مجمع الصناعات العسكرية الاسرائيلية.

وتستخدم هذه الطائرة في تسهيل مهمة الوية المشاة التابعة لجيش الاحتلال قبيل واثناء عمليات التوغل داخل الاراضي الفلسطينية. تقوم التي يتم تشغيلها من قادة جوية تقع في محيط مدينة تل ابيب، بمسح المناطق التي ينوي الجيش التوغل فيها وتزود عناصر “الوحدة 8200” بمعلومات عن تحركات عناصر المقاومة، وعناصر الوحدة يقومون بدورهم بتزويد قادة الجيش بهذه المعلومات اولا باول.

وتستخدم هذه الطائرات في مسح الحدود الجنوبية لقطاع غزة بدعوة مراقبة عمليات تهريب الاسلحة بين مصر وقطاع غزة. وحسب مجلة “الاستقلال”،احد ملاحق صحيفة “يديعوت احرنوت”، الصادرة بتاريخ 26 -4-2004 فان هذه الطائرات تستخدم ايضا في تنفيذ عمليات الاغتيال حيث انها مزودة بصواريخ خاصة تقوم باطلاقها على الاشخاص المرشحين للتصفية. وبهذه تصبح وحدة “8200”، الى جانب انها ذراع استخباري الكتروني، تقوم عمليات بمهمات ميدانية عملية.

الوحدة تأخذ استعدادها لمرحلة ما بعد “فك الارتباط”:

من ناحية ثانية يتبين ان الجيش الاسرائيلي قد كلف “وحدة 8200”، القيام بالترتيبات اللازمة التي تضمن لإسرائيل مواصلة معرفة ما يدور في قطاع غزة بعد تنفيذ خطة “فك الارتباط”، وانسحاب جيشها منه.وحسب تقرير ورد في مجلة “فورين ريبورت”، فان وحدة “8200” قامت بزرع أجهزة تنصت وكاميرات والغام في مناطق حساسة ومختلفة من القطاع.

وحسب تقرير في عددها الاخير فانه في الوقت الذي تستعد فيه المؤسسة العسكرية الاسرائيلية لانسحاب محتمل من القطاع تضاعف شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، وبالذات “وحدة 8200”، جهودها في هذه العملية.

ووفق المجلة فان «امان» عمل وبكل ما اوتي من قوة لزرع احدث اجهزة التجسس الرقمية (ديجيتال) في القطاع قبل رحيل الجيش عنه وذلك من اجل وضع الفصائل الفلسطينية، او بالاحرى نشطائها، تحت الرقابة الصهيونية الدائمة، ونقل اي معلومات مباشرة الى مقر «امان» في تل ابيب.

ويتمثل التغيير الاول الذي ستجريه «وحدة 8200» على حد قول «فورين ريبورت» في زرع كاميرات خفية في المواقع المركزية في القطاع تكون مرتبطة مباشرة بمحطات رصد حي داخل اسرائيل، تعمل على مدار ساعات اليوم.

وفي حال وجود نشاطات تعتبرها المخابرات الإسرائيلية “مشبوهة”مثل التحضير لاطلاق صواريخ على مدن يهودية فان هذه المعلومات تبث عبر الاتصال الالكتروني الكومبيوتري الى اسراب طائرات الهليكوبتر الهجومية التي ستكون جاهزة لتنفيذ عملية ضرب الهدف المعني في غزة.

وتضيف المجلة ان عملية زرع الكاميرات التي تتحمل كل التقلبات الجوية وتعمل ليل نهار تحتاج الى اشهر، خاصة ان العمل الاساسي فيها هو تركيب هذه الكاميرات بشكل سري واخفاؤها بطرق يصعب على الفلسطينيين اكتشافها.

واما التغيير الثاني فسيتمثل في زرع اجهزة تنصت في المباني الرئيسية مثل مكاتب السلطة او الفصائل المختلفة. وهذه ليست مهمة صغيرة بل كبيرة للغاية، حسب «فورين ريبورت»، اذ تخطط السلطات للسيطرة على ورصد جميع خطوط الهاتف وانظمة الاتصال في القطاع بشكل يمكن الاجهزة الامنية الاسرائيلية من رصد تحركات واتصالات النشطاء.

ويخطط الانتهاء من هاتين العمليتين في شهر مارس (اذار) المقبل ـ اي مع بدء عملية الانسحاب التي من المقرر لها ان تنتهي في سبتمبر (ايلول) 2005.

وتؤكد «فورين ريبورت» ان بعض التوغلات الإسرائيلية في منطقة رفح جنوب غزة والمناطق الاخرى، المعروفة بوجود كبير للنشطاء الفلسطينيين فيها ، لم تكن اهدافها عسكرية بل كانت غطاء لهذه العملية الاستخبارية الضخمة.

الفصل الرابع : الهيكلية الإدارية والتنظيمية لشعبة الاستخبارات[23]:

تتكون هيئة رئاسة المخابرات العسكرية من الأقسام التالية:

1.الانتاج

2.فيلق التجسس

3.العلاقات الخارجية

4.امن الميدان والرقابة العسكرية

أولا: قسم الانتاج

مسئول عن تحضير التقديرات القومية للمخابرات وهو يقدم تقارير ونشرات استخبراية يومية تحتوي على معلومات خام او معلومات يتم تحليها بشكل جزئي.

يترأس القسم نائب مدير الاستخبارات العسكرية ويشمل الاقسام التالية.

1- الوحدة الجغرافية(او الاقليمية)

2- الوحدة الوظيفية(او التكتيكية)

3- وحدة التوثيق(او التسجيل والسجلات)

ثانيا: فيلق التجسس

ينقسم الى الوحدات التالية:

1- وحدة جمع المعلومات

2- مركز الرئاسة العامة وهي الوحدة المسئولة عن مدرسة المخابرات العسكرية ومعه التنمية التكنولوجية والاتصالات والخرائط.

3- التدريب

4- التنظيم وخطوط الإمداد وشئون الأفراد

5- البحوث والتنمية

ثالثا: قسم العلاقات الخارجية:

هذا القسم مسئول عن العلاقات الخارجية بين الجيش الإسرائيلي والجيوش الأخرى وهو مسئول أيضا عن كل المحلقين العسكريين وشئونهم

رابعا: قسم امن الميدان والرقابة العسكرية

مسئول عن مكافحة الجاسوسية ويستخدم وحدات الميدان للحفاظ على القانون والنظام وينقسم الى أربعة قيادات:

1- المنطقة الشمالية

2- المنطقة الوسطى

3- المنطقة الجنوبية

4- القدس

5- تل ابيب

6- حيفا

المخابرات الجوية والمخابرات البحرية:

المخابرات البحرية والجوية صغيرة وذات وحدات عالية التخصص تركز على الموضوعات التي تهمها بشكل مباشر أي التي تهم القيادة البحرية والجوية .

يشترك مدير المخابرات الجوية والمخابرات البحرية في اجتماعات مدير المخابرات العسكرية ويشارك ضباط مخابرات هذين الجهازين في الاجتماعات الدورية لقسم البحوث حتى يمكن تنسيق مسئولية تقديم التقارير.