• 16 Jul 22
  • smartwatchesss

«مصر 2030».. «الدستور» ترصد قصص نجاح مشروعات رائدة لتحقيق التنمية المستدامة

قبل سنوات قليلة لم يكن الحديث عن التنمية المستدامة يخرج عن حدود قاعات المؤتمرات واجتماعات كبار المسئولين، لكن بين عامى ٢٠١٦ و٢٠٢٢ قطعت الدولة المصرية نصف الزمن المطلوب لتنفيذ خطتها التنموية بعيدة المدى، مصر ٢٠٣٠، وخلال هذه الفترة خرجت للنور تجارب شابة ملهمة فى مجال التنمية المستدامة، نجح أصحابها فى تحويل أفكارهم المبتكرة إلى مشروعات مبدعة ورائدة.

فى السطور التالية، تتناول «الدستور» ٤ تجارب رائدة من مصر والوطن العربى، نجحت فى لفت الأنظار إليها، وتتحدث مع أصحاب هذه التجارب حول مشروعاتهم وأهميتها وأهدافها، وكيفية تحقيقها أهداف التنمية المستدامة.

بسمة توكل: أسست «دايرة» لشراء وبيع الملابس المستعملة وتوجيه العائد للفقراء

بسمة توكل، مؤسسة منصة «دايرة» الإلكترونية لبيع وشراء الملابس المستعملة، ممثلة مشروع «رواد ٢٠٣٠»، تقول إنها سلكت طريقها نحو عالم ريادة الأعمال من بوابة العمل التطوعى منذ المرحلة الجامعية، ما مهد لها الطريق نحو تدشين مشروع خدمى يمثل حلقة وصل بين الفئتين الأعلى والأقل دخلًا، ليصبح عملًا لها ونقطة تحوّل كبير فى حياتها.

وتوضح «بسمة» أن دخولها عالم ريادة الأعمال لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ، وإنما نتاج رحلة طويلة وممتدة من الدراسة والتعلم، تكللت بالحصول على الماجستير فى ريادة الأعمال من أكبر جامعتين فى مصر وإنجلترا، وذلك من خلال منحة مجانية قدمتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية قبل عامين. وتضيف: «قدمت زى أى حد، وما كنتش متوقعة النجاح، لكن اتقبلت ونجحت وبدأت أحوّل حلمى من فكرة إلى مشروع على أرض الواقع يستفيد منه الناس».

وعن طبيعة المشروع، توضح «بسمة» أن «دايرة» هى منصة إلكترونية، تم إطلاقها عام ٢٠٢٠ بهدف بيع وشراء الملابس المستعملة التى تكون بحالة جيدة، وذلك بأسعار مناسبة، بحيث يوجه جزء من العائد لصالح الفئات الأكثر احتياجًا.

وتشير إلى أن المنصة نجحت، خلال الفترة الماضية، فى جمع ٢٠٠٠ قطعة ملابس وبيع أكثر من ١٠٠٠ قطعة، والتبرع لأكثر من ١٥ مؤسسة ومستشفى خيرى، بالإضافة إلى عقد شراكات مع مصممى أزياء مشهورين وعارضات أزياء عبر مواقع التواصل الاجتماعى، «الفاشون بلوجر»، لشراء الملابس ذات الاستخدام الواحد، وعرضها للبيع بسعر مناسب على المنصة بعد تنظيفها وتعقيمها، وذلك لمن يرغب فى الشراء.

وتؤكد «بسمة» أن أهمية المشروع تنبع من كون خزانة الملابس لدى بعض الناس تمتلئ بالملابس القديمة وغير المستخدمة، فى ظل ارتفاع أسعار الملابس الجديدة بشكل يفوق إمكانيات شريحة كبيرة من المواطنين، بالإضافة إلى حاجة الفئات المستهدفة للمساعدات النقدية أكثر من الملابس التى يتم التبرع بها.

كما تؤكد أن هناك أهمية أخرى للمشروع، تكمن فى أن صناعة الملابس تعد ثانى أكبر صناعة ملوثة للبيئة فى العالم، فى ظل التغير السريع للموضات، وارتفاع حجم مخلفات الملابس إلى نحو ١٩ مليون طن ملابس سنويًا على مستوى العالم. وتنوه إلى أن هناك أكثر من ٢ مليون و٣٠٠ ألف قطعة ملابس يتم التبرع بها سنويًا، وهو رقم ضخم يمكن بكل تأكيد إعادة بيعه بأسعار مناسبة، مع دعم مؤسسات المجتمع المدنى بجزء من عوائد البيع؛ لتصب فى صالح غير القادرين والفئات الأولى بالرعاية.

«كبسولات ريم»:دعم طبى «أونلاين» لمصابى «كورونا» وسكان المخيمات

تخرجت الدكتورة ريم العثمان، من المملكة الأردنية الهاشمية، فى كلية الصيدلة عام ٢٠١٧، وخرجت فكرة مشروعها «كبسولات ريم» إلى النور مع ظهور جائحة فيروس «كورونا»، التى أصابت العالم بصدمة وهلع، مع بدايات عام ٢٠٢٠. وقالت «ريم»: «بعد ظهور جائحة كورونا، وجدت الفرصة سانحة لإطلاق مشروع صحى توعوى تحت مسمى (كبسولات ريم)، بما يحقق العديد من أهداف التنمية المستدامة، ومنها الصحة والتعليم الجيدين، والمساواة بين الجنسين».

وأضافت أن المشروع يرتكز على عدة محاور أساسية، فى مقدمتها استهداف الفئات الأقل حظًا، خاصة فى المخيمات أو القرى النائية فى المملكة الأردنية، والاستجابة لتداعيات جائحة «كورونا»، بالإضافة إلى عقد شراكات محلية ودولية فى هذا المجال. وأشارت إلى إطلاق المشروع على منصات التواصل الاجتماعى فى نهاية عام ٢٠٢٠، مع عقد العديد من الحملات الإعلامية التوعوية بأعراض «كورونا»، والإجراءات الصحية اللازم اتباعها، وتوفير العلاج اللازم، لمواجهة الضغط الكبير وغير المبرر أحيانًا على المرافق الصحية؛ بسبب حالة الهلع وعدم الوعى مع بداية الجائحة. وكشفت عن نجاح المشروع فى جذب ٥٠ ألف متابع، خلال عام ونصف العام على إطلاقه رسميًا، ثم بدأ التوسع فى تقديم خدمات توعوية تستهدف المرأة والشباب، حول الصحة الإنجابية والجنسية وصحة المرأة بشكل عام، بالشراكة مع العديد من المؤسسات الحكومية فى الأردن، إلى جانب العمل على مواجهة أزمة الهدر الدوائى الناتجة عن ثقافة استهلاكية خاطئة بين الناس وغياب الوعى بمعدلات الاستهلاك الآمن للدواء، ومتى ينبغى الحصول عليه والتوقف عن استخدامه، وكيفية التخلص من المخلفات الطبية، بالإضافة إلى عدم «ميكنة» منظومة تداول الأدوية وفرض الرقابة على عملية صرف المواطنين الأصناف الدوائية بشكل متكرر دون توصية من طبيب. واعتبرت أن جائحة «كورونا» فرضت تحديًا كبيرًا يتعلق بزيادة المخلفات الطبية، ومنها على سبيل المثال تزايد معدل استهلاك الكمامات الطبية مليون ضعف، وفى المقابل لا يتم التخلص منها بطريقة آمنة، وبالتالى كل هذه الأمور تشكل قضايا مهمة، لذا وضعت أولويات عمل المشروع الخاص بها. واختتمت بالقول: «رفعنا العديد من التوصيات إلى صنّاع القرار، ونحن فى المرحلة الحالية بصدد رفع مستوى المهارات الإعلامية والتواصل مع العاملين فى القطاع الصحى، لتبسيط طريقة عرض المعلومة الطبية على المواطنين من غير المتخصصين، بداية من جامعات شمال الأردن، ثم التوسع فى وسط وجنوب المملكة، وصولًا إلى إطلاق منصة أكبر على المستويين العربى والإقليمى».

«مصر 2030».. «الدستور» ترصد قصص نجاح مشروعات رائدة لتحقيق التنمية المستدامة

منتصر العطار:أول خط لتصنيع «الدراجات الذكية» يوفر 100 مليار جنيه سنويًا

المهندس منتصر العطار، مؤسس شركة «EGIK Micrimobilities»، هو واحد من رواد الأعمال الشباب، ولم ينتظر طويلًا بعد تخرجه فى كلية الهندسة بجامعة حلوان، والتحق بالدفعة الأولى لمبادرة «كن سفيرًا» التى أطلقتها وزارة التخطيط لتخريج أجيال شابة من سفراء التنمية ورواد الأعمال.

من هنا بدأ ميلاد حلم «منتصر»، وهو تنفيذ مشروع أول خط لإنتاج «دراجات ذكية» فى مصر، الذى يسهم فى تحقيق ٨ من أهداف التنمية المستدامة، من بينها: القضاء على الفقر، وتوفير فرص دخل، وتحسين الصحة والطاقة النظيفة، والتنمية الاقتصادية عن طريق توطين صناعة جديدة، والاتجاه نحو التصدير لأسواق عالمية.

وشرح «منتصر» فكرة المشروع، قائلًا: «أسعى لتصنيع أول دراجة ذكية داخل مصر، كى تكون بديلًا للدراجة البخارية، وذلك بالاعتماد على ٣ محاور أساسية، الأول جمع الدراجة بين النظام التقليدى لتحريكها ذاتيًا، ونظام كهربائى ذكى».

وأضاف، أن المحور الثانى يتضمن إنشاء محطات فى المدن لإتاحة استئجار هذه الدراجات، أما الثالث فمعنى بتوعية المواطنين بأهمية الاعتماد عليها باعتبارها من وسائل النقل صديقة البيئة، فضلًا عن تميزها بالعمل بسرعة ٥٠ كم فى الساعة، وتزويدها بنظام لقياس معدل نبضات القلب وحرق السعرات الحرارية والسرعة.

وأشار إلى أن المشروع يحقق ٨ أهداف للتنمية المستدامة، أبرزها مواجهة التأثيرات السلبية للتغير المناخى، ويهدف إلى التغلب على العديد من التحديات التى يعانى منها المواطن المصرى، منها إهدار ٨٤ مليار جنيه سنويًا بسبب الزحام والتكدس المرورى، و٢٣ مليار جنيه ببسب الانتظار الطويل أمام إشارات المرور، وبالتالى يسهم فى توفير أكثر من ١٠٠ مليار جنيه سنويًا. وفيما يتعلق بمواجهة المشروع آثار تغير المناخ تحديدًا، قال «العطار»، إن ٢٨٪ من الغازات المسببة لظاهرة «الاحتباس الحرارى» تأتى بسبب النقل والمواصلات، وتتصدرها المركبات الخاصة بنسبة ٥٨٪، ما يسفر عن العديد من الآثار السلبية، مثل تزايد خطر الفقر المائى، ونقص المحاصيل الزراعية والمعروض من الغذاء، وحدوث تغيرات مناخية قاسية مثل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة، وارتفاع مستوى منسوب البحر بمقدار ٢٠ سم خلال آخر ٥٠ سنة، ما يهدد بفيضانات وغرق مدن بأكملها، لافتًا إلى أنه بسبب هذه الآثار تكبدت الولايات المتحدة الأمريكية مليار دولار خسائر فى ٢٠١٢، وبالتالى فإن التحوّل نحو استخدام الطاقة النظيفة لم يعد رفاهية، بل أصبح طوق النجاة الوحيد والحتمى أمام العالم أجمع، وهو ما يوفره مشروعه.

وأشاد بالاهتمام الكبير وغير المسبوق من القيادة السياسية بملف تمكين ودعم الشباب، خاصة فيما يخدم توجهات الدولة ورؤيتها لتحقيق أهداف استراتيجية التنمية المستدامة.

واختتم بقوله: «بالنسبة لى، أسعد لحظات حياتى حينما تم تكريمى من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما أعطانى دفعة كبيرة لمواصلة الجهد، والعمل على تحويل الفكرة إلى مشروع كبير على أرض الواقع، ومن هنا أوجه الدعوة للرئيس السيسى، وأقول له: بعد ٣ سنوات من التكريم، أدعوك لتجربة الدراجة المصرية الأولى من نوعها التى يتم تصنيعها محليًا».

أحمد فتحى: تدريب 1000 شاب على آليات الاقتصاد الدوار والطاقة المتجددة

استعرض أحمد فتحى، رئيس مؤسسة «شباب بتحب مصر»، تجربة المؤسسة فى تعزيز البيئة والسياحة والحفاظ على التنوع البيولوجى، والأنشطة التعليمية للأطفال وتجميل الساحات والحدائق التاريخية، ودفع الحركة الاجتماعية بشأن القضايا البيئية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وقال «فتحى» إن المؤسسة لديها نحو ٣٠٠٠ متطوع، وتتكامل مع عدد من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات فى تونس والمغرب والجزائر وأوكرانيا ونيجيريا، مضيفًا أنها توسعت فى نشاطاتها منذ عام ٢٠١٦ ما بين تنفيذ حملات نظافة لمواجهة التلوث من البلاستيك والتكيف مع التغيرات المناخية وتمكين المرأة وخلق وظائف خضراء، فضلًا عن الأبحاث والتدريب.

وذكر أنه تم مؤخرًا تدشين «اتحاد مصر للتغيرات المناخية»، وجارٍ استكمال إجراءات التأسيس بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى، بهدف بناء قدرات وكوادر الجمعيات العاملة فى هذا المجال وتنسيق الجهود، وتنفيذ أنشطة على الأرض، تزامنًا مع استعدادات استضافة مصر قمة المناخ فى نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ.

وحول أهم مبادرات المؤسسة، كشف عن إطلاق مشروع «شجرة النيل» من خلال زراعة أشجار الزيتون والرمان والتوت الأبيض على جوانب الترع والمصارف بطول ١٢ كم، للحد من ارتفاع درجات الحرارة ورفع جودة الهواء وامتصاص ثانى أكسيد الكربون، على أن تتم زراعة شجرة كل ٦ أمتار، كما يرفع المشروع مستوى خصوبة التربة من خلال زيادة محتواها الطبيعى من الحيوانات والنباتات الطبيعية، ورفع جودة مياه النيل والعمل على سرعة وصول المياه إلى الترع بصورة أسرع وبكمية أكبر دون عوائق.

ويركز هذا المقترح على مشروع تبطين الترع والمصارف، وكيفية استغلال الأشجار واستراتيجيات التصميم للمدن لتعزيز المناخ المحلى وتحسين جودة الهواء فى شوارع الأحياء وفى الأماكن العامة فى المناطق الجافة الحارة مثل القاهرة، وتحسين جودة مياه النيل، والحد من تأثرها بالعوامل الخارجية.

كما أشار إلى إطلاق مبادرة «الرواد البيئيين»، التى تهدف إلى تدريب ١٠٠٠ شاب وفتاة على آليات التنمية المستدامة والاقتصاد الدوار والطاقة المتجددة والتغيرات المناخية، وإدارة المخلفات والتنوع البيولوجى للوصول لـ٢٠ مشروعًا ناشئًا فى هذه المجالات على مدار عامين مع اختيار ٥٠ من المتدربين؛ لإعادة التدريب فى مجتمعاتهم على مستوى الجمهورية على مدار هذا العام.