الأمن السيبراني.. جيوش جديدة لمواجهة "الإرهاب" الرقمي
بموازاة الجيوش التي تحارب على الأرض، بدأت عديد البلدان حول العالم ببناء جيوشها الخاصة بالهجمات الإلكترونية،
وذلك ضمن جهود محاولة صدها من خلال عناصر مختصة في الأمن السيبراني.
وخلال وقت متأخر الأربعاء، طلب البيت الأبيض من كبرى شركات التكنولوجيا والمؤسسات المالية وبعض شركات البنية التحتية، بذل المزيد من الجهود للتغلب على التهديد المتزايد الذي تشكله الهجمات الإلكترونية على الاقتصاد الأميركي.
وأحد أكبر الهجمات السيبرانية التي تعرضت لها الولايات المتحدة هذا العام، هجوم واجهته شركة "كولونيال بايبلاين" التي تعرض أنظمتها لهجوم سيبراني، دفعها إلى تعليق كافة أنشطة نقل الوقود لكافة مناطق شمالي وجنوبي شرقي الولايات المتحدة.
وأوقفت "كولونيال بايبلاين" التي توفر حوالي 45% من الوقود المستهلك على الساحل الشرقي، في مايو/أيار الماضي، عملياتها بعد أن كشفت عن هجوم سيبراني، قالت إنه أثر على بعض أنظمتها.
بايدن: الأمن السيبراني أولوية
أمس الأربعاء، قال بايدن لرؤساء الشركات: "الحكومة الاتحادية لا يمكنها مواجهة هذا التحدي بمفردها.. لدينا الكثير من العمل الذي يجب أن نقوم به معاً"، ليتحول الأمن السيبراني اليوم إلى أحد أولويات إدارة بايدن الاستراتيجية.
ومن بين أبرز الشركات التي حضرت الاجتماع، أمازون، وآندي جاسي، وأبل، ومايكروسوفت، وألفابت، الشركة الأم لشركة جوجل، وآي بي إم، وشركات حكومية تتبع وزارة العدل.
وشهدت الأشهر الأخيرة موجة من هجمات برامج الفدية عالية المستوى، مما دفع لإصدار أمر تنفيذي من قبل بايدن بشأن الأمن السيبراني في مايو، عندما أجبر المقاولين الحكوميين على بناء أمان "الثقة المعدومة" في جميع البرامج.
وأعقب اللقاء مع بايدن إعلان شركات تكنولوجيا المعلومات الأمريكية، عن تعهدها بإنفاق مليارات الدولارات على الأمن السيبراني.
جيوش جديدة
وأثبتت أبحاث أمريكية أن طبيعة الحرب نفسها قد تغيرت مما تسبب في سباق تسلح رقمي جديد يتحدى أساسيات المجتمعات.
وأكثر الأمثلة تطوراً للدول التي تستخدم الأسلحة السيبرانية لأغراض هجومية؛ كان Pandora’s Box أو صندوق اللعنة والي من خلاله يتمكن المخترقون من الولوج إلى الأنظمة المراد السيطرة عليها.
في كل عام، يصدر مدير المخابرات الوطنية الأمريكية تقييما عاما للتهديد القادم من مختلف دول العالم، إذ إنه وفي تقرير عام 2007، لم تكن هناك حتى كلمة واحدة عن التهديدات الإلكترونية.
وفي عام 2009، ظهرت في ذيل القائمة، بعد تهريب المخدرات في غرب أفريقيا؛ ومع ذلك منذ عام 2013، تصاعدت التهديدات الإلكترونية لتصبح واحدة من أكبر تهديدات الأمن القومي التي تواجه الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، في عام 2011 أعلنت حكومة الولايات المتحدة أن الهجمات الإلكترونية تشكل عملاً من أعمال الحرب يمكن أن يثير انتقاما عسكريا تقليديا من قبل القوات المسلحة الأمريكية.
وأصبحت الأسلحة السيبرانية أيضا جذابة للبلدان ذات الموارد المحدودة، بسبب إمكاناتها غير المتكافئة؛ لقد تم إحداث ثورة في مفهوم الحرب برمته، وكيفية إدارتها، وما هي القواعد، ومن هو عدوك.
في 4 يوليو/تموز 2009، يوم الاستقلال في الولايات المتحدة، ضربت سلسلة من هجمات رقمية الحكومات الأمريكية والكورية الجنوبية ووسائل الإعلام الإخبارية والمواقع المالية.
واستمرت الهجمات لعدة أيام وأثرت على المواقع الإلكترونية للبيت الأبيض، والبنتاجون، وبورصة نيويورك، وصحيفة واشنطن بوست، وناسداك، وأمازون، بالإضافة إلى البيت الأزرق في كوريا الجنوبية (مكتب الرئيس)، ووزارة الدفاع.
وبحسب تقديرات مختلفة حينها، فقد تم "اختطاف" أو السيطرة على ما يصل إلى 166 ألف جهاز كمبيوتر، واستهدفت حوالي 39 موقعا إلكترونيا معينا في كلا البلدين.
وعلى الرغم من أن هجمات عام 2009 كانت غير معقدة من حيث التقنيات المستخدمة، وتمت معالجتها بسرعة، إلا أن ذلك كان مجرد بداية للعمليات الإلكترونية ومصدرها كوريا الشمالية.